مقترح مفوضية التمييز التي نص عليها دستور 2014

ورقة بحثية

23 أبريل 2017

مدخل:

نص الدستور المصري الصادر في يناير 2014 على  مكافحة كافة أشكال التمييز بين المواطنين سواء كان تمييزا عرقيا أو دينيا أو جنسيا أو اجتماعيا... الخ وهو ما اعتبره الكثير نقلة نوعية في قواعد التشريع المصري تجاه تحقيق المساواة حيث نصت المادة 53 من الدستور المصري 2014 على: 

 

"المواطنون لدى القانون سواء، وهم متساوون في الحقوق والحريات والواجبات العامة، لا تمييز بينهم على أساس الدين، أو العقيدة، أو الجنس، أو الأصل، أو العرق، أو اللون، أو اللغة، أو الإعاقة، أو المستوى الاجتماعي، أو الانتماء السياسي أو الجغرافي، أو لأي سبب آخر. التمييز والحض على الكراهية جريمة يعاقب عليها القانون. تلتزم الدولة باتخاذ التدابير اللازمة للقضاء على كافة أشكال التمييز، وينظم القانون إنشاء مفوضية مستقلة لهذا الغرض".

 

وكانت الفقرة الأخيرة من المادة الخاصة قد نصت على إنشاء مفوضية لمكافحة كافة أشكال التمييز، والذي يعد ترجمة  لنص المادة. مما يتطلب وضع آليات جادة لضمان خروج مفوضية تتغلب على أشكال المجالس المتخصصة التابعة للدولة المصرية، وتجعل من المفوضية أداة فاعلة  لمكافحة التمييز، وعليه يمكن وضع بعض التصورات كمدخل مفاهيمي ينطلق منه المشرع في وضع القانون الحاكم للمفوضية.

 

1. الاستقلال: يعتبر مبدأ الاستقلال نقطة حاكمة لنجاح المفوضية لتحقيق غايتها في مكافحة التمييز وليس المقصود بالاستقلال خلق سلطة موازية للسلطات الثلاثة داخل النظام السياسي بل تعني التمتع بحرية كاملة في التحرك بدون تدخل من قبل السلطة التنفيذية سواء من حيث اختيار أعضاء المفوضية أو ما يصدر عن المفوضية من تقارير.

 

2. الشفافية: واحدة من العناصر الغائبة عن كافة مؤسسات الدولة، وهي نقطة الإعاقة لأغلب أجهزة المراقبة المنوط بها رصد ومتابعة تجاوزات تصدر تجاه المواطنين، ولذلك يعتبر مبدأ الشفافية عاملا حاكما لنجاح المفوضية والمقصود بالشفافية هنا (شفافية مزدوجة)، الأولى من قبل السلطة تجاه المفوضية في توفير كافة المعلومات والبيانات الخاصة بعمل المفوضية. الثانية: من قبل المفوضية من حيث إعلان كافة تقارير وتحركات المفوضية على الرأي العام.

 

3. الفاعلية: هناك خط رفيع بين تشكيل كيان بحثي يكون دوره رصد التفاعلات موضع الدراسة والاهتمام وإنشاء كيان فعال قادر على الحد من تنامي الظواهر موضع الاهتمام، بمعنى أدق هناك العديد من الكيانات الخاصة بالمرأة وحقوق الإنسان في مصر يقتصر دورها علي الرصد والتحليل فقط وهو ما يجعل من المجالس القائمة جهات ذات فاعلية محدودة وهو ما يضعف من قدرة تلك المجالس والجهات ويقلل من دورها المنوط القيام به، وهو ما يدفعنا لطرح تصور يجعل من مفوضية مكافحة التمييز أداة فاعلة في تحقيق غايتها عن طريق التالي:

 

1. إلزام كافة جهات الدولة بمساعدة المفوضية في أداء عملها.

2. فتح المجال أمام تحرك المفوضية. 

3. قدرة المفوضية على تقديم بلاغات للجهات المختصة.

4. إنشاء نيابة ومحكمة متخصصة لسرعة الفصل في قضايا التمييز.

 

تلك النقاط الثلاثة يمكن اعتبارها مدخل لتصور لمشروع إطار تشريعي حاكم لعمل المفوضية وعليه نحن نرى أن قانون إنشاء المفوضية لابد أن يكون من أولويات البرلمان المصري لمكافحة كافة أشكال التمييز الموجودة في المجتمع المصري في الوقت الحاضر، والتي تفشت في الآونة الأخيرة ومنها التعرض للكنائس واستهداف أشخاص بسبب دينهم أو معتقدهم واستهداف النساء في المجالين العام والخاص، سواء عن طريق العنف أو التمييز المبني على أساس الجنس أو النوع وتهميش دور النساء في المشاركة السياسية وضعف التشريعات القانونية للتصدي لمثل هذه الممارسات، وعجز الدولة في التصدي أو طرح حلول للمشكلات العرقية المتفاقمة في الآونة الأخيرة والتي تسببت في إزهاق أرواح كثير من المواطنين المصريين.

و قد تم اختيار كل من نقابة الصحفيين والمحامين ونادي القضاة كممثلين في كأعضاء بمفوضية مكافحة التمييز للأسباب التالية:

اختيار نقابة الصحفيين كممثل اعتمادا على مبدأ الشفافية والإعلان لأعمال المفوضية.

اختيار كلا من نقابة المحامين ونادي القضاة لاستكمال الشق القانوني حيث يتطلب تحريك القضايا من قبل المفوضية للنيابة المختصة بجانب مراجعة التشريعات المختلفة التي يمكن أن تتناقض مع جوهر عمل المفوضية إلي جانب قانوني وعليه اعتبار ممثل كلا من نقابة المحامين ونادي القضاة مهم في هذا الجانب. 

اختيار ممثلين من نقابة المحامين ونادي القضاة من خلال مجلس النقابة و النادي أو من خلال الجمعية العمومية هو أفضل حالا من فكرة الانتداب من قبل المحاكم المختصة؟ 

 

 

مشروع قانون مفوضية مكافحة كافة أشكال التمييز

 

(المادة الأولى)

تنشأ مفوضية تسمى "مفوضية مكافحة كافة أشكال التمييز" تتبع مجلس النواب، وتهدف إلى القضاء على كافة أشكال التمييز طبقًا لأحكام الدستور.

وتكون للمفوضية الشخصية الاعتبارية، ويكون مقرها الرئيسي في مدينة القاهرة، ولها الحق في فتح فروع وإنشاء مكاتب في محافظات الجمهورية وتتمتع المفوضية بالاستقلالية في ممارسة مهامها وأنشطتها واختصاصاتها.

 

(المادة الثانية )

تشكّل المفوضية من رئيس للمفوضية ونائب وخمسة وعشرين مفوض ويحل نائب رئيس المفوضية محل رئيس المفوضية في حال غيابه.

ويراعى في اختيار أعضاء المفوضية أن يكونوا تعبير عن مكونات المجتمع المصري بتمثيل عادل يراعي به التمثيل (الديني – العرقي – الطبقي – العمري – الجنس) علي النحو التالي:

 1. رجل وامرأة علي الأقل.

2. فلاح وعامل.

3. شاب أقل من 35 عام.

4. ممثل للنوبة وأخر للبدو وأخر للامازيغ.

5. ممثل للكنيسة المصرية وأخر للأزهر.

6. ممثل لذوي الإعاقة.

7. ممثل لنقابة المحامين وأخر لنقابة الصحفيين وممثل لنادي القضاة.

وعدد من الشخصيات العامة المهتمة والعاملة بقضايا مكافحة التمييز ومن ذوي العطاء المتميز في هذا المجال.

ويصدر بتشكيل المفوضية قرار من مجلس النواب لمدة خمس سنوات يكون أعضاء المفوضية غير وارد عزلهم خلال تلك المدة.

 

( المادة الثالثة )

تختص المفوضية في سبيل تحقيق أهدافها بما يأتي:

1. تلقي الشكاوى المتعلقة بالتمييز ودراستها.

2. إنشاء مكتب قانوني تابع للمفوضية لمساعدة الناجين من التعرض لمشكلات تمييزية، وإعداد الأبحاث القانونية. 

3. إنشاء مكتب لفض النزاعات، ويختص بتسوية النزاعات المتعلقة بالقضايا التمييزية في ما عدا البلاغات التي لا يجوز فيها الصلح طبقًا للتشريعات المصرية.

4. إحالة الشكاوى لمكاتب النيابة المختصة للتحقيق فيها طبقًا للمادة السابعة من هذا القانون، مع إرفاق تقرير المفوضية عن ملف الشكوى، علي أن تفصل النيابة المختصة في البلاغ في مدة لا تتجاوز 90 يوما من تاريخ تقديم البلاغ.

5. في حالة عرض مشكلة على المفوضية لا تتضمن أية حقوق قانونية قابلة للتنفيذ، فعلى المفوضية تقديم تقرير لمجلس النواب بالنقاط الأساسية للشكوى مضاف إليها توصيات لاتخاذ الإجراءات اللازمة.

6. تلتزم المفوضية خلال أول ثلاث سنوات من عملها بتنقية التشريعات المصرية بما يتطابق مع المادة ٥٣ من الدستور، عن طريق طرح مشاريع قوانين على مجلس النواب.

7. متابعة تطبيق الاتفاقيات والمعاهدات الدولية المتعلقة بالتمييز، والتقدم إلى الجهات المعنية بالمقترحات والملاحظات والتوصيات اللازمة لسلامة التطبيق.

8. إنشاء مركز توثيق لجمع المعلومات والبيانات والدراسات والبحوث المتعلقة بالقضايا التمييزية وإجراء الدراسات في هذا المجال.

9. التنسيق مع مؤسسات الدولة المعنية بالقضايا التمييزية، والتعاون في هذا المجال مع المجلس القومي لحقوق الإنسان، والمجلس القومي للمرأة، والمجلس القومي للطفولة والأمومة، والمجلس القومي لشئون الإعاقة وغيرهما من المجالس والهيئات ذات الشأن  ومنظمات المجتمع المدني ذات الصلة.

10.  ينشأ موقع إلكتروني للمفوضية ينشر من خلاله  تقرير المفوضية السنوي وينظم مؤتمر صحفي بذلك.

11. للممثل القانوني للمفوضية التدخل في قضايا التمييز المرفوعة أمام المحاكمة المصرية .

12. للمفوضية تشكيل لجان تقصي حقائق على أن يرفع تقرير بذلك لمجلس النواب، وتقدم نسخة منه للنيابة المختصة للتحقيق فيها طبقًا للمادة السابعة من هذا القانون.

 

( المادة الرابعة )

يجتمع أعضاء المفوضية بدعوة من رئيس المفوضية مرة على الأقل كل شهر، أو كلما رأى رئيس المفوضية أو ثلث الأعضاء ضرورة لذلك، ويكون الاجتماع  صحيحًا بحضور أغلبية أعضائها، وتصدر قراراتها بأغلبية أصوات الأعضاء الحاضرين، وعند التساوي يرجح الجانب الذي منه الرئيس.

 

( المادة الخامسة )

تشكل بالمفوضية خمسة مكاتب لتقوم بمهامها على النحو الآتي: 

1. مكتب المفوض لمكافحة كافة أشكال التمييز بسبب الدين أو العقيدة.

2. مكتب المفوض لمكافحة كافة أشكال التمييز بسبب الجنس.

3. مكتب المفوض لمكافحة كافة أشكال التمييز بسبب الأصل، أو العرق، أو اللون، أو اللغة.

4. مكتب المفوض لمكافحة كافة أشكال التمييز بسبب الإعاقة.

5. مكتب المفوض لمكافحة كافة أشكال التمييز بسبب المستوى الاجتماعي، أو الانتماء السياسي أو الجغرافي.

على أن يتولى عضوية كل مكتب خمسة أعضاء من أعضاء المفوضية يختاروا من بينهم رئيس للمكتب.

وللمفوضية إنشاء مكتب خاص أو مؤقت لمباشرة عمل معين يحدد في قرار إنشائه.

 

( المادة السادسة )

تلتزم أجهزة الدولة بمعاونة المفوضية في أداء مهامها، وتيسير مباشرتها لاختصاصاتها، وتزويدها بما تطلبه من بيانات أو معلومات تتصل بهذا الاختصاص، و إذا تعذر لأياً من أجهزة الدولة  معاونة المفوضية أو رفضت معاونتها، وجب إرسال الأسباب كتابة  لرئيس للمفوضية في مدة أقصاها أسبوع من تاريخ التعذر أو الرفض. وللمفوضية دعوة أي ممثل لهذه الأجهزة للمشاركة في أعمالها واجتماعاتها دون أن يكون له حق التصويت. 

 

( المادة السابعة ) 

يصدر وزير العدل قراراً بإنشاء نيابة تسمى " نيابة التمييز " تختص بالتحقيق و الفصل والإحالة فى الشكاوى و البلاغات الداخلة في اختصاصها وفقا للقانون.

 

( المادة الثامنة )

تنشأ  محكمة متخصصة باسم  " محكمة التمييز "  للفصل في القضايا المحالة إليها من نيابة التمييز.

 

( المادة التاسعة )

المقصود بجريمة التمييز وفقاً للمادة 161 مكرر من قانون العقوبات رقم 58 لسنة 1937 ( مع تعديل )

• يعاقب بالحبس وبغرامة لا تقل عن ثلاثين ألف جنيه ولا تجاوز خمسين ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من قام بعمل أو بالامتناع عن عمل يكون من شأنه إحداث التمييز بين الأفراد أو ضد طائفة من طوائف الناس بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين أو العقيدة أو الانتماء السياسي وترتب على هذا التمييز إهدار لمبدأ المساواة وتكافؤ الفرص والعدالة الاجتماعية. 

وتكون العقوبة الحبس مدة لا تقل عن ثلاثة أشهر والغرامة التي لا تقل عن خمسين ألف جنيه ولا تجاوز مائة ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين إذا ارتكبت الجريمة المشار إليها في الفقرة الأولى من هذه المادة من موظف عام أو مستخدم عمومي أو أي إنسان مكلف بخدمة عمومية. 

و لا تسقط الدعوى الجنائية فى جرائم التمييز  ولا  الدعاوى المدنية الناشئة عنها بالتقادم.

 

( المادة العاشرة )

تستعين المفوضية بعدد كاف من العاملين المؤهلين، ويلحق بها من الخبراء والمتخصصين من يلزم لأداء مهامها والنهوض باختصاصاتها.

 

( المادة الحادية عشرة )

تكون للمفوضية موازنة مستقلة تشتمل على إيراداتها ومصروفاتها، وتبدأ السنة المالية وتنتهي مع بداية ونهاية السنة المالية للدولة، وتعتبر أموال المفوضية من الأموال العامة وتخضع لرقابة الجهاز المركزي للمحاسبات.

 

( المادة الثانية عشرة )

تتكون موارد المفوضية مما يأتي: 

1. الاعتمادات التي تخصص للمفوضية في الموازنة العامة للدولة. 

2. الهبات والمنح والإعانات التي تقرر المفوضية قبولها بأغلبية ثلثي أعضائها على الأقل. 

وينشأ حساب خاص لحصيلة هذه الموارد في أحد البنوك، ويراعى ترحيل الفائض من هذا الحساب في نهاية كل سنة مالية إلى موازنة المفوضية للسنة التالية.

 

( المادة الثالثة عشر )

تلتزم المفوضية برفع تقرير نصف سنوي لمجلس النواب عن أنشطتها وأداء مهامها في تلك المدة، على أن ينشر على موقع المفوضية، ثم تقدم تقرير ختامي في آخر مدة دورة المفوضية كل خمس سنوات.

 

( المادة الرابعة  عشر )

تضع المفوضية لائحة لتنظيم العمل فيها، ولائحة لتنظيم شئون العاملين والشئون المالية والإدارية.

 

( المادة الخامسة عشر )

رئيس المفوضية أو من ينوب عنه هو من يمثل المفوضية بعلاقتها بالغير وأمام القضاء، على أن يتم اختيار متحدث رسمي باسم المفوضية من الأعضاء.

 

( المادة السادسة عشر )

ينشر هذا القانون بالجريدة الرسمية، ويعمل به من تاريخ نشره.

رابط دائمhttp://www.nazra.org/node/560