أفعلوا ولا تفعلوا: إرشادات أساسية للاستماع إلى الناجيات من الاعتداء الجنسي

أفعلوا ولا تفعلوا: إرشادات أساسية للاستماع إلى الناجيات من الاعتداء الجنسي
  • أفعلوا ولا تفعلوا: إرشادات أساسية للاستماع إلى الناجيات من الاعتداء الجنسي

نشرة

1 فبراير 2013

الاستماع هو محاولة منظمة إلى حد ما لمساعدة الناجية من الاعتداء الجنسي (بدرجاته المختلفة والتي قد تصل الاغتصاب)، من خلال إتاحة مجال آمن لها لكي تفرغ شحنتها الانفعالية وتعبر عن مشاعرها، وتشعر بالتقبل والدعم والمساندة، وهو ليس علاج أو إرشاد نفسي، بل يعتبر أولى خطوات التدخل النفسي، والتي يمكن أن تكون وحدها كافية، أو يمكن أن تعتبر خطوة أولية تحتاج بعدها الناجية من الاعتداء الجنسي إلى تدخل من شخص متخصص، مثل استشارية نفسية أو دكتورة نفسية.

الاستماع يمكن أن يقوم به غير المتخصصين ولكن يجب مراعاة مجموعة المبادئ الأساسية التالية:

أفعلوا:

هناك عدد من الشروط الهامة والضرورية التي من دونها لن ينجح الاستماع:

1. الحفاظ على السرية: السرية هي واحدة من أهم مبادئ الاستماع، فلا يجوز أن ينتهك الشخص المستمع مبدأ السرية تحت أي ظرف، إلا إذا كان هناك خطر يهدد حياة الناجية من الاعتداء الجنسي، كأن تعبر عن رغبتها في الانتحار، وفي هذه الحالة يجب التعامل مع الأمر بحرص شديد، وتحويلها فورا إلي طبيب أو أخصائي نفسي مختص، وإبلاغه بوجود أفكار انتحارية، أو تنبيه المحيطين بها بشكل غير مباشر بعد إبلاغها بضرورة القيام بذلك. ولا يكفي حفاظ الشخص المستمع على مبدأ السرية، بل يجب أن يؤكد عليه للناجية من الاعتداء الجنسي بشكل معلن منذ بداية الاستماع، حتى تشعر بالثقة وتستطيع الحكي.

2. التقبل: لا يمكن أن ينجح الاستماع دون شعور الناجية بتقبلك الكامل لها، ولكل ما تقوله؛ تقبلك لمشاعرها الغاضبة أو غير المنطقية أحيانا، وتقبلك لروايتها عن الحادثة، ولتفسيرها، ولقراراتها، لا تقيس الأمور عليك أو على تجربتك الشخصية، ولا تقارن بينها وبين غيرها حتى وإن تعرضت لنفس الظروف، فالمشاعر والقرارات المرتبطة بالحادث هي أمر فردي ليس له قواعد، ويختلف من شخص لآخر.

3. الاهتمام: إذا لم تشعر الناجية باهتمامك، لن تشعر بالرغبة في الاستمرار في الحكي. درجات الاهتمام الحقيقي تظهر على الشخص القائم بالاستماع، وفي حالة عدم الاهتمام يجب عدم القيام بالاستماع، افتعال الاهتمام من جانبك يمكن أن تشعر به الناجية وسينهي أي رغبة لديها في الحكي.

4. التعاطف: التعاطف أيضا يظهر على الشخص القائم بالاستماع في حالة التعاطف الحقيقي. تعبيرات الوجه والإنصات للناجية وعبارات الدعم الوجداني والتفهم يمكن أن تساعد في إشعارها بتعاطفك.

5. الاستعانة بحقائق عن الظاهرة ومدي انتشارها: هذا يمكن أن يساعدها على الشعور بأنها ليست وحدها من تعرضت إلى هذا، وهناك أخريات عانين منه، في ظروف مشابهة، ويشتركن معها بشكل ما في حجم المعاناة وحجم الألم الذي تشعر به، ولكن يجب الحذر في استخدام اللغة حتى لا يبدو وكأنه استهانة بما تقوله الناجية أو تقليل من حجم الجرم التي تعرضت له.

6. منح مساحة للتعبير عن مشاعرها: يجب ترك المساحة للناجية لكي تبكي أو تصرخ أو تظهر غضبها، لا يجب الطلب من الناجية أن تتماسك أو جعلها لا تفصح عن مشاعرها لأن هذا سيشكل عبء جديد عليها.

لا تفعلوا:

1. لا تبحثوا عن الرواية الدقيقة: ليست مهمة القائم بالاستماع الوصول إلى الرواية الحقيقية أو الدقيقة عن الحادث، يجب الاستماع لرواية الناجية كما تود هي أن ترويها. أحيانا ما تكون هذه الرواية مشوشة أو غير متسقة، ولا تتبع ترتيب زمني دقيق، كل هذا طبيعي في ظل الأعراض النفسية التي تعاني منها، يحب التعامل معها ببساطة حتى في حالة الشعور بهذا التناقض، ويجب تجنب أي أسئلة استفسارية عن تفاصيل الرواية يمكن أن تشعرها بأنها تحت تحقيق أو استجواب أو أنك تشككي في روايتها. ولهذا يجب التأكيد علي أهمية فصل التوثيق عن الاستماع، فلا يمكن الجمع بين الاثنين معا، من يوثق يبحث عن تفاصيل الحادث، ومن يستمع فهو يهتم فقط برواية الناجية من الاعتداء كما تتذكره وكما تود أن تحكيه.

2. لا تصدروا أي الأحكام: يجب تجنب إصدار أي أحكام تماما على الناجية، أحكام بالقوة أو الضعف، أحكام بالصدق أو الكذب، وبالتأكيد أية أحكام يمكن أن تبرر بشكل أو بآخر الانتهاك الذي تعرضت له. أحكامك مهما بدت لك منطقية أو كنت علي ثقة منها يمكن أن تقود إلي التقدير الخاطئ لحالتها وستجعلك تفترض افتراضات عما تشعر به أو يجب أن تشعر به، ما تفعله أو ما يجب أن تفعله، ليست بالضرورة أن تكون صحيحة.

3. لا تتخذوا القرار بالنيابة عن الناجية: اتخاذ القرارات هي أحد أصعب المراحل التي ستقابلك، وربما تحاول هي الدفع بك لمساعدتها علي أخذ قرارات، كأن تسألك "أعمل إيه"، وهو ما لا يجب أن تجيب عنه أبدا، ويجب الانتظار حتى تكون هي قادرة على أخذ قراراتها بنفسها، ويمكن فقط تقديم المساعدة في تفنيد جميع الاختيارات المتاحة وحساب المكاسب والخسائر الناتجة من كل قرار. ويجب دعم قرارها أيا ما كان حتى لو لم يبدوا أفضل القرار أو مقنع من وجهة نظرك، طالما هي التي اختارته. من الأسئلة الشائعة التي يمكن أن تتكرر في هذا السياق "أنزل تاني ولا لأ ؟"، "أحكي الحكاية لأهلي ولا لأ"، " أنشر شهادتي ولا لأ"، " أتخذ إجراءات قانونية ولا لأ". ليس دورك الاختيار بالنيابة عنها، ولا حتى دفعها في اتجاه أي اختيار بشكل غير مباشر. المساعدة الأساسية تنصب على تفنيد الاختيارات والدعم في الاختيار.

4. لا تشعروا بالعطف أو الشفقة: هناك فرق شاسع بين العطف والتعاطف. التعاطف يعني الفهم والتقبل، العطف يعني الشفقة، وهو ما سيشعرها بضعفها وسيزيد من صعوبة أن تخرج من دور الضحية.

5. لا تظهروا الصدمة أو الغضب: مهما كان ما تقوله قاسيا أو صادما ومؤلما، لا يجب أن يظهر عليك مشاعر الصدمة، أو الألم النفسي الشديد، أو الغضب مما تعرضت له، هي ما يجب أن تجده هي مساحة للتعبير عن غضبها وصدمتها، وحزنها، ويظل تركيزك الدائم هو إتاحة المجال لها لكي تقوم بهذا، يجب عدم أخذ مساحة الناجية في التعبير عن مشاعرها.

6. لا تضغطوا على الناجية حتى تستمر في الحكي: إذا شعرت الناجية برغبة في التوقف عن الحكي، يجب أن تتركيها تفعل هذا، ولا تضغطي عليها للاستمرار، وإذا شعرت إنها انهارت تماما وأن الحكي يؤلمها، ولا تستطيع الاستمرار، يمكن أن تقترحي عليها أن توقف الحكي إن رغبت في ذلك، وتحاولي فقط تهدئتها، وطمأنتها.

7. تجنبوا النقاش والجدل: يجب عدم مجادلة الناجية فيما تقول، ليس الهدف هو الوصول للحقيقة أو المناقشة بالمنطق.

8. تجنبوا التبسيط أو التهويل: لأننا لا نقيم التجربة التي تعرضت لها، فلسنا بصدد مقارنتها مع غيرها، يجب عدم التبسيط مما تقوله الناجية مهما ظهر بسيط مقارنة بغيرها من الناجيات من اعتداءات جنسية أخرى، ويجب عدم التهويل منه أيضا إذا شعرت أنها أقل تألما مما توقعتي أنها ستكون عليه. يجب فقط التعامل مع مشاعر الناجية كما هي دون مقارنة أو تقييم.

موضوعات ذات صلة:
- نصائح وإجراءات طبية فورية للناجيات من الاغتصاب.
- نصائح وإجراءات فورية للمعرضات إلي الغاز المسيل للدموع.

رابط دائمhttp://www.nazra.org/node/192