مئة عام من مركزية الجسد في الحراك النسوي المصري: تطور سؤال "الجسد" بين 1919 و 2019

مئة عام من مركزية الجسد في الحراك النسوي المصري:  تطور سؤال "الجسد" بين 1919 و 2019

ورقة بحثية

16 مارس 2019

مقدمة

 

"فقد كانوا يخطفون النساء في الشوارع، وكانوا يجردون الأقراط من آذانهن فتسيل الدماء منها، دون مبالاة بذلك. وكم تعدى علينا هؤلاء الجنود في المظاهرات (...) وأخذ يجذب العلم منها بقسوة ويضربها بيده الأخرى على ذراعها ضربات قاسية ليرغمها على التسليم، ورغم ذلك لم يتمكن من قهرها."

 

مذكرات هدى شعراوي عن أحداث عام 1919

 

"فـي لحظـات قليلـة تمزقـت ملابسـي تمامـا فـي زحـام المهاجميـن الذيـن أمسـكوا بـكل جـزء في جسـمي بـلا اسـتثناء، وأدخـل أحدهـم إصبعـه فـي مؤخرتـي بمنتهـى العنـف، أخـذت أصـرخ وأحـاول الوصـول إلـى الحائـط"

 

شهادة إحدى الناجيات من العنف الجنسي يوم 23 نوفمبر 2012 خلال إحدى المليونيات.

 

شهد يوم 16 مارس 1919 أول مظاهرة نسائية موثقة والتي انطلقت لمقاومة الاحتلال البريطاني واعتراضا على اعتقال سعد زغلول ونفيه في 8 مارس 1919. يحل يوم 16 مارس - يوم المرأة المصرية- هذا العام في الذكرى المئوية لثورة 1919 و وبالرغم من أن أحداث مشاركة النساء في احتجاجات ثورة 1919 لم تكن المرة الأولى التي تشارك فيها النساء في احتجاجات أو مظاهرات في المجال العام، وبالرغم من أن هذه المظاهرة النسائية لم تحمل مطالب خاصة بحقوق النساء، إلا أنها حملت إرهاصات الوعي النسوي، خاصة بالنظر إلى ما تلاها من بدايات للعمل النسائي المنظم مع تأسيس الاتحاد النسائي بقيادة هدى شعراوي في مارس 1923. كما شهدت هذه الأحداث توثيق سقوط أول شهيدة مصرية خلال الثورة. ويأتي مرور مائة عام على الحدث الذي ألهم "يوم المرأة المصرية" بمثابة دعوة لإعادة التفكير في تاريخ الحركة النسوية المصرية ومطالبها خلال هذه الأعوام المائة المنصرمة، خاصة فيما يخص سؤال "الجسد". فاستشهاد أول امرأة مصرية في ثورة 1919 وإصابة العديد من النساء في تعامل شديد العنف من قبل قوات الشرطة مع المتظاهرات في هذا اليوم، تعد انتهاكات واضحة موجهة ضد جسد المتظاهرات. ومع وقوفنا اليوم في لحظة تاريخية تعد فيها الأسئلة المتعلقة بالعنف الجسدي والجنسي ضد النساء في المجالين الخاص والعام ومن قبل الدولة والمجتمع شديدة الأهمية داخل الحركة النسوية المصرية (والعالمية)، يبرز سؤال الجسد بأوجهه المتعددة كسؤال مركزي في تشكيل وعي النسويات وتحديد أجندة الحركة النسوية على مر العصور.

 

وبمناسبة مئوية ثورة 1919 وانطلاقا من اهتمام" نظرة للدراسات النسوية" واشتباكها مع أسئلة الجسد والحقوق الجسدية، ننشر هذه الورقة التي تسعى إلى تتبع تطور سؤال الجسد ومركزيته داخل الحركة النسوية المصرية ما بين 1919 و 2019. وكانت نظرة قد نشرت العام الماضي في نفس التوقيت ورقة بعنوان "أجساد النساء بين الحراك والانتهاك"، والتي ركزت على الأسئلة المرتبطة بالجنسانية والحقوق الجسدية والجنسية بعد 2011. وبالربط مع الورقة المذكورة وبناءا عليها، نحاول الرجوع إلى الماضي لرصد تطور هذه الأسئلة وكيف وصلنا إلى اللحظة الحالية، خاصة وأننا نرى أن مطالب الحركة النسوية على اختلافها مرتبطة ببعضها البعض وأن معارك نسويات الماضي والحاضر متشابكة وأنه لا يمكن فهم الحركة النسوية المصرية اليوم بمعزل عن صيرورتها التاريخية.    

 

طبقا لتصنيف بعض النسويات المصريات الذي يؤرخ لوجود أربع موجات من الحركة النسوية المصرية والتي تعتمد عليه هذه الورقة إلى حد كبير(نهايات القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين- من الخمسينيات إلى السبعينيات - من الثمانينيات إلى ثورة 2011- من 2011 حتى اليوم)، غالبا ما يتم ربط الموجات الثالثة والرابعة بسؤال الجسد والحقوق الجسدية، حيث أن الموجة الثالثة شهدت حراكا حول ختان الإناث وبدأت قضية العنف الجنسي أن تتبلور كذلك خاصة في منتصف الألفينات، أما الموجة الرابعة فشهدت حراكاً مستمراً حول قضية العنف الجنسي وحول أسئلة أخرى مرتبطة بالحقوق الجسدية والجنسانية والهويات الجندرية. تجادل تلك الورقة تحديداً أن سؤال الجسد كان له أهمية مستمرة داخل الحركة النسوية المصرية حتى في الفترات التاريخية التي لم تتضمن حراكاً واضحاً متعلقاً بهذا السؤال، بمعنى أن الجسد ليس سؤال موجة نسوية بعينها، بل هو دائم التطور والتجدد عبر كل الموجات. فنحن لا نتعامل في تلك الورقة مع "الجسد" فقط عندما تترجم الأسئلة المرتبطة به إلى مطالب، ولكننا نتعامل معه ك"سؤال" في حد ذاته ذو أهمية حتى عندما لا يكون ذلك ظاهراً. يعتمد هذا الطرح على فرضية أنه في جميع المراحل التاريخية اختبرت النسويات أسئلة ما مرتبطة بأجسادهنّ تُرجمت أحياناً إلى مطالب وأفعال وأحياناً أخرى لا، وبناءاً عليه نفترض أن هناك استمرارية في سؤال الجسد يمكن تتبعها، وتدل على تطور تاريخي مرتبط بهذا السؤال. بالتالي، تسعى هذه الورقة إلى إعادة قراءة كل موجة نسوية\حقبة تاريخية على حدة وموضعة سؤال الجسد بداخلها.

 

وبهذه الخلفية، المقاربة التي تتناول هذه الورقة من خلالها مفهوم الجسد تنطلق من النظريات التي تعرف الجسد ك موقع رئيسي تُمارس عليه ومن خلاله السلطة.  أي أن الجسد هو الشيء الرئيسي الذي تعمل من خلاله السلطة الأبوية- سواء كانت تمثل الدولة أو المجتمع- للتحكم في المواطنين\ات وتحديداً النساء. وتتخذ ممارسة السلطة على الجسد أشكال عدة مثل استخدام عقوبة الحبس أو السجن، تسييد أشكال معينة من الأجساد الأنثوية والذكورية المقبولة اجتماعياً ومعاقبة المختلف عنها مجتمعياً أو من قِبل فاعلي الدولة، وبالطبع ممارسة أشكال من العنف الجسدي والجنسي ضد النساء سواء لأسباب "سياسية" أو جندرية خالصة، مع تقاطع العاملين. واستكمالاً لهذا التعريف، فمن المفترض أن يكون الجسد هو أكثر الأشياء حميمية وخصوصية، إلا أنه كما تشرح فرحة غنام في اقتباسها عن بورديو,، لا تتشكل هوية الجسد بشكل شخصي فقط بل عن طريق عدة تفاعلات اجتماعية وثقافية وسياسية. وربما يكون هذا التناقض المرتبط بكون الجسد شئ حميميا بشدة وسياسيا بشدة هو الذي يجعل منه سؤالاً معقداً وذي صلة طوال الوقت. فربما يكون سؤال الجسد تحديدا هو أكثر الأسئلة المعبرة عن نظرية كارول هانيش "الشخصي هو السياسي" من حيث أن هذه الأداة الشخصية هي في الأصل مسيسة وتعكس علاقات القوى وديناميكيتها، وبالتالي تكون التجارب المرتبطة بالجسد هي تجارب تستحق وينبغي طرحها في المجال العام والسياسي.

 

وبهذا التعريف، نجد أن سؤال الجسد كان دائماً حاضراً خلال موجات الحركة النسوية المختلفة، سواء كان أداة للقمع أو التحرر، وسواء كان السؤال مرتبط بتجارب متعلقة بقمع هذا الجسد سياسياً\مجتمعياً أو بالمطالبة بحقوقه وطرحه كموضوع للنقاش. ولذا تهدف هذه الورقة إلى تتبع التطور الذي صاحب هذا السؤال وكيف تموضع بشكل واضح خلال الحقب التاريخية أو الموجات المختلفة. تنقسم هذه الورقة إلى أربعة عناوين فرعية، تسرد بالترتيب الزمني موقع سؤال الجسد في كل حقبة تاريخية\ موجة نسوية وإن كانت هذه الحقب والموجات تتقاطع.        

 

"الخروج إلى المجال العام": الجسد كوسيلة للاحتجاج والفعل السياسي

 

ترجع مشاركة النساء في المجال العام المصري إلى عدة قرون مضت، ولا تمثل ثورة 1919 في حد ذاتها أول "خروج" للنساء في المجال العام أو أول حضور لهن في الأفعال الاحتجاجية. وثقت العديد من المؤرخات النسويات مشاركات مختلفة للنساء قبل ثورة 1919، بل واستهداف الدولة إلى أجسادهنّ كذلك باشكال شديدة العنف. على سبيل المثال، تسرد جوديث تاكر في كتابها عن النساء المصريات في القرن التاسع عشر عن وجود أدلة تاريخية عن مشاركة النساء في انتفاضات وحركات تمرد عام 1840 و 1863، كما شاركن في انتفاضة 1865 وقُبِض على أعداد من النساء تداولت أخبار عن تعرضهنّ لأشكال من العنف الجنسي والجسدي وتوجد أيضاً دلائل على إلقاء القبض عليهنّ خلال أحداث الثورة العرابية للقيام بأعمال "شغب". تبرهن هذه الأمثلة على شيئين معاً، أولاً أنّ تجربة مشاركة النساء في ثورة 1919 لم تأتِ من فراغ بل سبقتها عدة تجارب مرتبطة بحضور هذا الجسد في العام وانتهاكه، وفي نفس الوقت أن أحداث 1919 شكلت لحظة شديدة الخصوصية  لدى هؤلاء النساء ووعيهنّ بأجسادهنّ.

 

فبالرغم من مشاركة النساء في المجال العام من قبل كانت المسيرة النسائية في أحداث ثورة 1919 ذات دلالة خاصة، حيث أنها أول عمل نسائي منظم وجماعي- باستثناء مؤتمر رشيد- مما شكل لحظة وعي هؤلاء النساء بأجسادهنّ الجماعية ك "نساء" وبصعوبة تواجد هذه الأجساد في المجال العام بين رصاص قوات الشرطة وعنفها وتذمر "الرجال" من هذا التواجد فيما بعد. كان سؤال الجسد في المراحل الأولى لتكوين الحركة النسائية مرتبط أولاً بالمعركة المتعلقة بتواجد النساء في الحياة السياسية والحزبية والجامعات- أي المجال العام. فربما شكلت المشاركة الجماعية للنساء في أفعال احتجاجية" كنساء"، حتى وإن لم يرفعن مطالب متعلقة بحقوقهنّ، وتعرضهنّ لانتهاكات وعنف لحظة إدراك جماعي بأحقية تلك الأجساد بأن تكون حاضرة في المجال العام، لما استطاعت أن تحققه من حراك ولما تحملته من أثمان لا تختلف عن نظرائها من الرجال. وربما من هنا جاءت رغبة النساء في تنظيم أنفسهنّ بشكل جماعي بدءاً من لجنة الوفد المركزية للسيدات عام 1920 إلى تشكيل الاتحاد النسائي في مارس 1923 لينظمنّ أنفسهنّ بشكل ليس فقط جماعي بل أيضا مستقل للمطالبة بتلك الحقوق.

 

في إيجاز، ربما يكون الأمر الفارق الذي شكله حراك ثورة 1919 بطابعه النسائي الجماعي - خاصة بمطالب وطنية تتمتع بالشعبية والإجماع- على عكس أغلب أشكال الحراك التي شاركت بها النساء من ذي قبل، هو ببساطة تحد افتراضية أن أجساد النساء تنتمي إلى المجال الخاص وأنه ليس بإمكانها سوى القيام بأدوارها الجنسية والإنجابية. فكما تشير شيرين حافظ " على مدار التاريخ المعاصر، اعتمدت الأبوية المصرية من خلال تسخير الآليات المجتمعية والثقافية والسياسية بل والطبية على ترسيخ تصورات مرتبطة بأجساد النساء وبمدى قدرة تلك الأجساد على التمرد في مواجهة الحدود التي تم ترسيمها لها سلفاً." وكانت هذه المشاركة وما تلاها من تنظيم جماعي تحدياً واضحاً منظماً ومُسيساً لتلك "الحدود". وقد تصرفت النساء اللاتي شكلنّ فيما بعد بداية الحراك النسائي\النسوي على أساس الاستحقاق الذي أعطته لهنّ مشاركتهنّ في أحداث 1919 للترسيخ لاستمرارية وجود هذه الأجساد في المجال العام حتى بعد انتهاء أحداث الثورة، وهو ما لم يكن محل إجماع سواء من قبل المجتمع عموماً أو الزملاء في العمل الوطني، على عكس احتفائهم بمشاركتهنّ في التظاهرات والدور "الوطني" الذي قمنّ به. فكما يظهر من مذكرات هدى شعراوي، لم يتقبل أعضاء الوفد بشكل سلس وجود لجنة الوفد المركزية للسيدات، فتوضح شعراوي في خطاب أرسلته إلى سعد زغلول طالبة دعمه احتجاج وتحفظ لجنة الوفد المركزية للسيدات عن "تساهي" أعضاء الوفد عن دعوتهم إلى الاجتماعات - بالأخص إلى اجتماع يخص الموقف من "مشروع ري السودان"- وضجرهم من إبداء نساء اللجنة لآراءهنّ، بل وتصريحهم أنه "لا يجوز للنساء التدخل في الأمور السياسية".  

 

أما ثانياً، فربما تكون اللحظة الأخرى المعبرة عن بدايات هذه الحركة النسائية في أذهان الكثيرين هي لحظة خلع هدى شعراوي وسيزا نبراوي لحجاب الوجه (أو النقاب) أثناء رجوعهنّ من روما عام 1923. فكان الاتحاد النسائي الدولي قد وجه دعوة إلى "نساء مصر" في مارس 1923 لحضور مؤتمره في روما، وحضرت خلاله هدى شعراوي ونبوية موسى وسيزا نبراوي ممثلات عن الاتحاد النسائي المصري والتي ألهمت تلك الدعوة تشكيله في مارس 1923 من لجنة الوفد المركزية للسيدات. وكان هناك اهتمام شديد في أسئلة الصحفيين إلى ممثلات المؤتمر عن"المرأة الشرقية" ومظهرها وقد حاولت الحاضرات- بالأخص هدى شعرواي- توضيح مطالب النساء وأولوياتهنّ المتعلقة بمناهضة الاحتلال والتعليم والصحة، باعتبار أن هذه هي الأسئلة "الهامة" على أجندة الاتحاد النسائي. ولكن عند عودتهنّ من المؤتمر التقطت الصحافة صورة لهدى شعراوي وسيزا نبراوي بوعي وهنّ بدون حجاب الوجه. ويجادل البعض أن هذه لم تكن المرة الأولى التي تظهر فيها نساء من تلك الطبقة مكشوفات الوجه وأن نبوية موسى كانت قد كشفت وجهها في عام 1909، إلا أن ذلك الحدث كان يعتبر ثورياً وشكل نقطة تحول هامة لأكثر من سبب. لم تعتبر شعراوي ونبراوي قرار خلع حجاب الوجه قراراً "شخصياً"، بل كان هناك وعي أن هذا القرار قراراً سياسياً أو علنياً مرتبط بتواجدهنّ في المجال العام، وأن أجسادهنّ يمكنها أن توصل رسائل سياسية شديدة الوضوح حول النساء وحقوقهنّ. بالتالي شكلت تلك اللحظة إعلان ما مرتبط بتحرر أجساد النساء - نسبيا وبالقدر الممكن- للتواجد في المجال العام وأن شرط تواجد تلك الأجساد في المجال العام هو أن تكون مرئية من الأساس. كما أتى ذلك الحدث في تتويج لرحلة مرتبطة بحقوق النساء، مما يزيد من رمزيته وأهميته في سياقه التاريخي. ولم تكن هذه الواقعة محل تقبل من الجميع بالطبع، ويمكننا الرجوع هنا إلى مذكرات هدى شعراوي وخواطرها عن ردود الأفعال الخاصة بمشاركة النساء في المجالات المختلفة وعن كشف الوجه:

 

" فقد توهموا أن غرضها (المرأة) من الحصول على حريتها ومساواتها بالرجل في الحقوق هو الوصول إلى السفور ومزاحمة الرجل في مبادئ السياسة والعمل، مما أدى إلى تذمر بعض الرجال، والحقيقة أن مطالبة المرأة بحقها السياسي ليس معناه التدخل في الأمور السياسية والحزبية المحضة، بل للحصول على حقها في التشريع والتنفيذ حتى يمكنها المساهمة في علاج الأحوال الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، وبخاصة ما ً كان منها متصلا بشئون المرأة والطفل، وكان سفورها من الوسائل اللازمة للحصول على هذا الحق لا حبٍّا في السفور كوسيلة للتبرج، ولا سيما إلى مزاحمة الرجل كما اتهمت ً بذلك زورا وبهتانًا."

 

وهناك جانبين مهمين في المقطع المقتطف من مذكرات شعراوي وهو أولا تشديدها على أهمية "مرئية" الجسد لتواجده في المجال العام وأن السفور" شر لا بد منه" للمشاركة في الحياة العامة والسياسية، وثانيا، التهديد الذي يبدو أن شكله هذا السفور وتواجد أجساد النساء بشكل منظم في المجال العام للبنية الأبوية في المجتمع. بالتالي، فإن الأسئلة المرتبطة بالجسد في أولى موجات الحركة النسوية هي تلك التي اتصلت حرفيا "بخروجه" أو ظهوره فى المجال العام وما يترتب عليه هذا الظهور، وإدراك قدرته على الاحتجاج.

 

وبينما لم يكن وجود هذه الأجساد بقوة في احتجاجات ثورة 1919 وتنظيمها فيما بعد في لجنة الوفد المركزية للسيدات أولا ثم الاتحاد النسائي المصري كافيا لإعطائهنّ حقوقهن السياسية في دستور 1923، إلا أنهن انتزعن حقهن في التعليم. وقد أصبح بالفعل تواجد النساء في المجال العام - على الأقل للتعليم- وتحرر أجساد النساء من مختلف الطبقات من بعض القيود المرتبطة بالمظهر أكثر قبولا مجتمعيا. فالتحقت أولى دفعات النساء بجامعة القاهرة في 1928 (بالرغم من وجود محاضرات قبل ذلك بين 1909 و1912 قبل أن يتم تعليقها) وبينما كان تواجد النساء في المجال السياسي تحديا أكبر حيث أنهن ظلوا محرومات من حق الانتخاب والترشح، إلا أنه مع مرور الوقت كانت هناك نقلة متعلقة بالتواجد في "المجال العام" بالمعنى الواسع. وربما تظهر الثلاثينيات والأربعينيات هذا التحول بوضوح، حيث بدأت تظهر كيانات وجمعيات ومجلات نسائية (بالرغم من ظهور الصحافة النسائية منذ نهايات القرن التاسع عشر)  تهتم وتطالب بحقوق النساء، فعلى سبيل المثال أسست فاطمة نعمت راشد الحزب النسائي المصري في 1942، كما كانت درية شفيق قد بدأت في تحرير مجلة "المرأة الجديدة"عام 1936 ثم أسست مجلة بنت النيل في 1945 ثم اتحاد بنت النيل عام 1948. وتكرر مشهد المسيرات النسائية بعدما أصبح هناك إدراك للقوة الاحتجاجية الجماعية لتلك الأجساد او كونها تتشارك شئ ما، مثل المسيرة التي قادتها درية شفيق برفقة 1500 سيدة والتي اقتحمت البرلمان المصري في فبراير عام 1951 للمطالبة بحقوق النساء السياسية، وكذلك المسيرة النسائية الكبرى التي نظمت في نوفمبر 1951 ل "دعم المقاومة الشعبية في منطقة القناة" وشاركت فيها العديد من النساء والنسويات آنذاك (مثل درية شفيق وسيزا النبراوي وانجي أفلاطون وسيدات وفديات والحزب النسائي المصري الخ). إذا، مقارنة بسؤال الجسد في تلك الفترة والذي تمحور حول خروج الجسد إلى العام، نجحت النساء إلى حد ما في فرض وجود أجسادهن في المجال العام ولو نسبيا وبشروط خلال الفترة التي سبقت حركة الضباط الأحرار في 1952.    

 

بين الأصالة والحداثة والقمع: سؤال الجسد في الدولة ما بعد الاستعمارية

 

ننتقل من بدايات تبلور الفكر والحركة النسوية في مصر الملكية إلى الحقبة الناصرية بعد تولي الضباط الأحرار السلطة في 1952 وتوطيد قبضة عبد الناصر شخصيا على السلطة والمجال العام منذ 1954، وهي فترة كما اتسمت بوجود أصبح واضح للنساء في المجال العام والحركة النسائية\النسوية إلا أنها اتسمت أيضا بتصورات راسخة للسلطة عما تريده من أجساد النساء وكيفية تحكمها بها. ربما تكون فترة تأسيس الدولة ما بعد الاستعمارية من أكثر الحقب التاريخية المثيرة للاهتمام فيما يتعلق بسؤال الجسد. ذلك بالرغم من كونها لا تمثل المعركة الأولى لخروج النساء في المجال العام كالفترة التي سبقتها ولا صياغة مطالب واضحة متعلقة بالجسد في الحقبة التي تلتها.

 

يعتبر التحكم في أجساد النساء وجنسانياتهنّ جزءا أساسيا من عملية تشكيل السلطة والدول القومية الحديثة في أغلب السياقات التاريخية. وتشير دنيز كانديوتي إلى أن أجساد النساء كانت أداة أساسية لتحديد هوية الدولة ما بعد استعمارية في دول المنطقة العربية، فشكلت أجساد النساء إحدى المحددات الرئيسية لهذه الهوية التي من المفترض أن تجمع بين الحداثة والأصالة. وتمثلت ملامح الحداثة في تشجيع النساء على التواجد في المجال العام من خلال التعليم والعمل فيما شكل صورة المرأة العاملة "الحديثة" من ناحية، ومن ناحية أخرى الإبقاء على قوانين الأحوال الشخصية التي تؤثر على المرأة بشكل أساسي كما هي في تعبير عن أصالة الهوية "العربية والإسلامية" لهذه الدول. ففي النهاية تمثل أجساد النساء الحدود الفاصلة بين هوية والأخرى، فلذا لا يسمح للنساء في العديد من الثقافات ومن بينها الإسلامية التزوج من رجال دين آخر (أو إثنية أخرى الخ طبقا للسياق)، وهو ما أبقت عليه الدول الحديثة ما بعد الاستعمارية.

 

ولم تكن الدولة المصرية الناصرية استثناء، فكما توافقها ميرفت حاتم في تحليلها لما سمي ب"نسوية الدولة" في عهد عبد الناصر "كانـت المفارقـة فـي نسـوية الدولة إبرازهـا التناقضـات مـا بيـن الإطـار التقدمـي المتعلـق بحقـوق النسـاء فـي المجـال العـام والمنصـوص عليـه فـي الدسـتور وقوانيـن العمـل، وقانـون الأحـوال الشـخصية الأكثـر محافظـة الـذي يحكـم النسـاء فـي المجـال الخـاص"، فبينما أثرت تلك السياسات بالفعل على مشاركة النساء في بعض أوجه المجال العام حيث ارتفعت نسبة مشاركة النساء في سوق العمل على سبيل المثال، إلا أن قضايا الأحوال الشخصية والمجال الخاص - المتصلة بشكل وطيد بأجساد النساء- ظلت كما هي ولم تحظ بنصيبها من "التحديث".

 

وشكلت هذه المعادلة التي تحمل في طياتها تناقضات ارتباكا فيما يخص سؤال الجسد من ناحيتين. أولا، وهو الشق الواضح، التناقض بين إعطاء الحقوق السياسية وإقصاء النسويات والنساء صاحبات الرأي المعارض. فبينما شجعت الدولة الناصرية النساء على العمل وأعطى دستور 1956 النساء حق الانتخاب والترشح إلا أنه في نفس الوقت الذي فتحت فيه هذه الاستحقاقات الدستورية والتشريعية الباب لنساء ليتواجدن في المجال العام، أزاحت الدولة أجساد نساء أخريات. فكانت درية شفيق من خلال اتحاد بنت النيل تطالب بحقوق النساء السياسية في الانتخاب والترشح قبل ثورة 1952، وبالرغم من تفاؤلها في بداية حكم الضباط الأحرار، إلا أن آمالها سرعان ما تبخرت مع تشكيل لجنة خالية من النساء لوضع دستور مصر الجديد. قادت شفيق إضرابها الشهير عن الطعام في نقابة الصحفيين مع 8 من زميلاتها عام 1954 للمطالبة بحقوق النساء السياسية وهو ما ساهم بشكل أساسي في ترجمة تلك الحقوق في دستور 1956، ثم أضربت وحيدة عن الطعام عام 1957 في السفارة الهندية اعتراضا على "ديكتاتورية" عبد الناصر وهو ما تسبب في وضعها تحت الإقامة الجبرية، وقضت شفيق 18 عاما في العزلة حتى وفاتها في 1975 ولم تعد أبدا للمجال العام حتى بعد قرار السادات بإعطائها حريتها. وتلى وضع شفيق تحت الإقامة الجبرية العديد من أمثلة تقييد الحرية التي عانت منها النساء النشاطات، فتم كذلك القبض على وداد متري عام 1959 لاتهامها بالشيوعية وقضت خمسة أشهر في السجن وتم اعتقال انجي أفلاطون أيضا في نفس العام حيث قضت أكثر من أربع سنوات في السجن قبل خروجها عام 1963. الغرض من إعطاء تلك الأمثلة هو توضيح إزاحة أجساد النساء والنسويات من المجال العام وانتهاك أجسادهن عبر الحبس وتقييد الحرية بأشكال مختلفة. فالوصول للمجال العام كان له شروطه، فلا مكان للأجساد "المحتجة" أو غير المطيعة.        

 

وربما يمكننا أن نرى سؤال الجسد أيضا بشكل مختلف خلال هذه الفترة، فبالرغم من عدم طرح نسويات هذه الموجة مطالب واضحة متعلقة بحقوقهن الجسدية، إلا أن ذلك لا يعني أن تلك الأسئلة المتعلقة بالجسد لم تكن تشغل هؤلاء النسويات. فمن خلال النظر إلى الخواطر الشخصية لبعض النسويات المصريات خلال هذه الفترة والتي يمكن الرجوع إليها في سيرهن الذاتية، نرى أنه كانت هناك أسئلة وتأملات مرتبطة بالجسد كأداة حميمية لدى بعض النسويات، بل وارتباك في كثير من الأحيان حيال هذا الجسد. ويمكننا استخدام بعض  الخواطر في مذكرات لطيفة الزيات ودرية شفيق، بل وحتى بالرجوع إلى هدى شعراوي نجد وجود لتلك الأسئلة. ولا تمثل هذه المذكرات أو النسويات بالطبع مشاعر أو أفكار نساء أو نسويات أخريات ولا يعبرن بمفرضهن عن "الحركة النسوية"، إلا أن تأمل بعض أفكارهن الشخصية قد يكون دالا. فمثلا تروي لطيفة الزيات عن ارتباكها وحيائها الشديد خلال فترة دراستها من جسدها الأنثوي ووعيها الشديد بتحركاته في كل خطوة، لدرجة الخوف من المشي بضعة خطوات في مكتبة الجامعة لشعورها أن هناك من يتفحصها. هذا على عكس شعورها بالراحة التامة مع حمل هذا الجسد في المظاهرات. كما تتأمل من خلال شخصيتها الرئيسية في رواية الباب المفتوح - والتي تعد في الكثير من الأحيان انعكاس لشخصيتها- " "لا إحنا فاهمين إذا كنا حريم ولا مش حريم، إن كان الحب حرام ولا حلال". وعلى نفس المنوال فتقول شفيق في مذكراتها التي استخدمتها سينثيا نلسون لكتابة سيرتها الذاتية أن الحب كان مقترن في ذهنها ب "الرعب"، وتروي عن ارتباكها الشديد تجاه أولى تجاربها مع الحب خلال فترة دراستها في فرنسا. وربما أيضا من أبرز الوقائع المرتبطة بالجسد التي ترويها شفيق في مذكراتها هي رفض عميد كلية الآداب في جامعة القاهرة تعيينها إبان حصولها على درجة الدكتوراة وعودته من فرنسا لأنه لا يمكن أن يتحمل مسؤولية تعيين "أستاذة جميلة في الكلية" وإدراك شفيق بالظلم الشديد الذي تعرضتله بسبب هذا الجسد.

 

وتبرز هذه الأمثلة نقطتين هامتين فيما يخص سؤال الجسد بالنسبة لنسويات تلك الموجة. أولا، ارتباكهن الحقيقي حيال موقع الجسد وتحرره في هذه الحقبة الزمنية والتي عبرت عنه الزيات من خلال ارتباك شخصيتها الروائية حول ما هو المسموح وغير المسموح لهذا الجسد. وبينما كان المتوقع أن تجيب الدولة ما بعد الاستعمارية التي وصفتها شفيق في البداية ك "عصر جديد من الحب والحرية"، عجزت هذه الدولة عن تقديم أي إجابات متعلقة بتحرر الجسد بل سببت المزيد من الارتباك حيث وعدت ب "تحرير النساء" عن طريق خروجهن للعمل دون طرح أسئلة المجال الخاص والحريات الجسدية والشخصية للنقاش. أما النقطة الثانية، فهي أن وجود هذه الأسئلة والتأملات لا فقط لدى هاتين النسويتين، بل حتى في فترات مبكرة جدا من مذكرات هدى شعراوي حول زواجها المبكر من رجل في سن والدها وشعورها بالعنف والتعاسة، يدل على أهمية الأسئلة المتعلقة بالجسد في تشكيل وعي هؤلاء النسويات وشعورهن بالاضطهاد أو على الأقل الارتباك كنساء. ويدل وجود هذه التساؤلات بالرغم من عدم طرح مطالب متعلقة بالحقوق الجسدية خلال هذه الموجة أو ما سبقتها، أنه ربما كانت هذه النسويات لا تزال تعتبر هذه الأسئلة "شخصية" أو "خاصة"، ولم يكن الربط بين خروج التجارب الشخصية إلى حيز المطالب والأفكار العامة أمرا واضحا في ذلك الوقت.   

 

إذا، بينما تلقب أحيانا الحقبة الناصرية ب "نسوية الدولة" لما تضمنته من تشجيع على خروج النساء إلى "المجال العام" والاشتراك في سوق العمل، إلا أنها شكلت ارتباكا فيما يخص سؤال الجسد سواء من حيث تواجده في المجال العام عندما يكون هذا الجسد محتجا أو غير متوافقا مع الأدوار والشروط التي قررتها الدولة مسبقا لتواجده، أو من حيث أسئلته المتعلقة بالمجال الخاص والتحرر، حيث ظلت هذه المنطقة رمادية.  

 

من السبعينيات إلى الألفينيات: أربعة عقود من المطالبة بالحقوق الجسدية

 

يتم تأريخ الموجة النسوية الثالثة بداية من الثمانينيات وربطها بظهور وتأسيس عدد من المنظمات والمجموعات النسوية. وبينما في الموجات السابقة كان يتم طرح سؤال الجسد إما بالربط مع الحقوق السياسية والمجال العام تحديدا إما يتم طرحه على استحياء أو بارتباك في صورة تأملات شخصية، إلا أن هذه الموجة الثالثة، ومقدماتها منذ السبعينيات- شهدت بداية حقيقية للمطالبة بالحقوق الجسدية ولطرح الأسئلة التي بدت "شخصية" من قبل حول الجسد وحميميته وأسئلة الحب والعذرية والعنف الجنسي في المجالين الخاص والعام.  ويجدر بنا الإشارة إلى السياق العالمي خلال الفترة التي سبقت تلك الموجة قبل تفصيل مطالبات النسويات المصريات في هذه الحقبة الزمنية. فربما فتح السياق العالمي المرتبط بالحركات الطلابية والفنية والنسوية في الستينيات بابا للمطالبة وطرح أسئلة متعلقة بشكل مباشر بالجسد، حيث اتسمت الستينيات بما سمي بال "الثورة الجنسية" التي طرحت فيها بجرأة، بالأساس في الولايات المتحدة الأمريكية ثم في أنحاء أخرى، أسئلة متعلقة بالحريات الجنسية والعلاقات الحميمية. وفي سياق مرتبط شكلت فترة الستينيات كذلك بدايات ما يسمى بالموجة الثانية من النسوية عالميا، والتي كانت الحقوق الجسدية والأسئلة المتعلقة بالجنس والتحكم في الجنسانية أساسية بداخلها. وترجع مقولة "الشخصي هو السياسي" إلى تلك الحقبة حيث نشرت كارول هانيش مقالتها "الشخصي هو السياسي" عام 1970 والتي تحدت الثنائية السائدة عن مجالين الخاص والعام وجادلت أن حيوات النساء "الشخصية" وما يتعرضن له في المجال الخاص هو أيضا مسألة سياسية، ليصبح هذا البيان هو ضمن شعارات هذه الموجة الثانية وليستمر كنظرية هامة تتناول من خلالها النسويات أسئلة العنف الجنسي والجسد. ووضع هذا السياق أساس ما لأسئلة الجسد ومحى الخطوط الفاصلة بين العام والخاص، ليصبح مكان الجسد داخل الحركة النسوية أكثر وضوحا لا فقط كأداة سياسية للاحتجاج أو عملية للتعلم والعمل ولكن أيضا كأداة حميمية وشخصية. والغرض من طرح هذا السياق هو فقط توضيح وجود سياق مواتي لطرح هذه الأسئلة- مع اختلاف السياق المصري- وتطويعها لتحقيق مطالب ذات أولوية في واقعنا.

 

وبالعودة إلى النسويات المصريات، ففي عام 1972 قامت نوال السعداوي بنشر أولى إصداراتها "المرأة والجنس" والذي تناول مواضيع كانت تعد محرمة مثل العذرية وغشاء البكارة وختان الإناث وغيرها من الممارسات المؤذية لأجساد النساء وبعدها كتاب امرأة عند نقطة الصفر عام 1974. وبالرغم من تعرض السعداوي لانتقادات عنيفة واستهداف كذلك حيث تم رفدها من وظيفتها بوزارة الصحة، إلا أن فتحت تلك الكتابات نقاشا ولو عنيف حول هذه الأسئلة التي لم تكن مطروحة من قبل وكسرت حاجز ما مرتبط بأسئلة الجسد. واكتسب سؤال ختان الإناث تحديدا أهمية خلال تلك الفترة وما تلاها. فمع تكوين المجموعات والمنظمات النسوية في الثمانينيات والتسعينيات بدأ العمل على هذا السؤال تحديدا بشكل منظم، حيث أصبحت إشكالية ختان الإناث مركزية داخل هذه الموجة الثالثة من الحركة النسوية المصرية، كما كانت بعض المهتمات بحقوق النساء مثل ماري أسعد  تعمل أيضا على مناهضة ممارسة ختان الإناث وغيرها من الأسئلة المرتبطة بصحة النساء منذ الثمانينيات. إلا أن تلك الجهود للمجموعات النسوية والنقاشات التي أثارتها بعض النسويات مثل السعداوي وغيرها لم تبدأ في الإتيان بثمارها سوى في التسعينيات.

 

شكلت التسعينيات نقلة فيما يخص سؤال ختان الإناث والحقوق الجسدية والصحة الإنجابية، وتحديدا مع إقامة المؤتمر الدولي الثالث للسكان والتنمية الذي تنظمه الأمم المتحدة عام 1994 في القاهرة. وتناول المؤتمر أسئلة متعلقة بالصحة الإنجابية وتنظيم الأسرة كما خرج بوثيقة تستهدف "تعزيز ممارسة حقوق الإنسان وتأمين الكرامة للجميع وإقرار الحق في تنظيم الأسرة  والحق في الصحة الإنجابية وتكريس مساواة النوع الاجتماعي والتصدي للعنف ضد النساء والقضاء على الفقر وتحقيق الاستقرار في النمو السكاني، والمساواة الكاملة في التعليم بين الإناث والذكور." وربما بقدر أهمية المؤتمر كانت الفترة التحضيرية التي سبقته، حيث أسست المنظمات غير الحكومية والمنظمات النسوية "اللجنة القومية للمنظمات غير الحكومية" في يوليو 1993 لتنظيم منتدى المنظمات غير الحكومية للمؤتمر الدولي للسكان والتنمية، وكان ذلك للتحضير للمؤتمر من قبل المنظمات غير الحكومية والعمل سويا على المطالب المراد طرحها. كما تشكلت قوة العمل من أجل مناهضة ختان الإناث التي ضمت عدد من المنظمات النسوية والمنظمات غير الحكومية والتي عملت على مدار سنوات من أجل وضع قضية ختان الإناث على الأجندة. وتعد قضية الختان من أولى القضايا المرتبطة بالحقوق الجسدية التي حققت الحركة النسوية من خلالها مكتسبات حقيقية. ففي عام 2008، تم تجريم ختان الإناث في المادة 242 مكرر من قانون العقوبات. وبالرغم من الإشكاليات العديدة المرتبطة بتطبيق تلك المادة إلا أن وجودها في حد ذاته كان يعد انتصارا بعد سنوات من النضال.

 

واستمرت قضية الجسد تشغل مكانا محوريا في هذه الموجة، حيث بدأ يتشكل حراك حول قضية العنف الجنسي والعنف ضد النساء عموما في منتصف الألفينيات. فكانت هناك أكثر من واقعة مثيرة للجدل جعلت هذه القضية شديدة المركزية بالتدريج. ففي 25 مايو 2005 فيما يسمى ب"الأربعاء الأسود" تم الاعتداء علـى صحفيـات وناشـطات أمام نقابة الصحفيين أثناء تظاهرات رافضة للتعديلات الدستورية مـن قبـل مواطنيـن فـي حمايـة الدولـة. شكلت قضية الأربعاء الأسود نقطة هامة في تاريخ هذه الموجة وفي الأسئلة المتعلقة بالجسد، حيث مثلت انتهاكات جنسية موجهة لأجساد المتظاهرات أو المتواجدات في المحيط ك"نساء"، تهدف إلى  إزاحة أجسادهن من المجال العام. وإذا كان استخدام العنف أو الحبس تجاه أجساد النساء "المحتجة" أو المعارضة للسلطة أيا كانت أمر معتاد في الأزمنة المختلفة، إلا أن استخدام انتهاكات جنسية موجهة للنساء على أساس نوعهن بهذا الوضوح كان أمر فارق.

 

وبدأت قضية العنف الجنسي في البروز بشكل واضح فيما بعد كجريمة واتنهاك مراد بهما إزاحة أجساد النساء من المجال العام، إلا أنه بدا من الواضح في الأحداث التي تلت الأربعاء الأسود أن هذه الجريمة لا تمارس فقط من قبل فاعلي الدولة ولا تستهدف النساء المسيسات فقط، بل تمارس من قبل فاعلين مجتمعيين ومواطنين عاديين. فشهد عام 2006 اعتداءات جنسية جماعية في عيد الفطر أمام دور السينما بوسط البلد وتم نشرها على نطاق واسع على المدونات الالكترونية. وكانت المنظمات النسوية وبعض المنظمات الحقوقية قد بدأت في هذه الفترة الاهتمام بقضية العنف الجنسي والعمل عليها مما ساهم في طرح الموضوع بشكل واسع. وفي 2008 حصلت نهى رشدي على أول حكم متعلق بقضية تحرش جنسي حيث تم حبس المتحرش ثلاث سنوات وكانت قضية التحرش الجنسي قد اكتسبت زخما كبيرا. ففي العام نفسه شكلت 16 منظمة "قوة عمل مناهضة العنف الجنسي" التي ظلت تعمل بشكل مشترك لعدة سنوات على هذه القضية وقدمت مقترحا لتعديل قانون العقوبات فيما بخص مواد العنف الجنسي عام 2010. كما كان مركز النديم يعمل على قضية العنف الأسري منذ 2005 وتتويجا لهذه الجهود قام المركز بتقديم مشروع قانون لبرلمان 2010 حول العنف الأسري. وسبق ذلك في 2009 إعداد مشروع قانون لمناهضة التحرش الجنسي  من قبل المجلس القومي للمرأة استجابة لضغط المجموعات النسوية.  إذا مع نهاية العقد الأول من الألفينيات كانت قضية العنف على أساس النوع وتحديدا التحرش الجنسي محل اهتمام من قبل الحركة النسوية وتشكل إحدى أولوياتها.

 

وربما يوضح الحراك حول قضية التحرش الجنسي تحديدا ومن قبله الحراك حول قضية الختان التطور الذي حدث في سؤال الجسد داخل الحركة النسوية المصرية. أولا، بعدما كان الجسد ينظر إليه ك"أداة" بالأساس ينبغي تواجدها لتحقيق مطالب النسويات الأخرى مثل التعليم أو ممارسة الحقوق السياسية، أصبح الجسد في حد ذاته هو مركز مطالب الحركة النسوية. ثانيا، أصبح هناك وعي ترجم إلى أفعال في ارتباط الشخصي بالعام، وهو ما يظهر جليا في الحراك حول قضية ختان الإناث والمطالبات بوجود قانون لمناهضة العنف الأسري، فيما يشكل بيانا واضحا من نسويات تلك الموجة أن قمع هذا الجسد في المجال الخاص يؤثر على تواجده في المجال العام، وأن الأفكار والخواطر المتعلقة بالجسد التي بدت شخصية في حقب سابقة هي في الواقع عامة جدا،فشكلت هذه الحقبة منذ السبعينيات "تسييسا" لقضية الجسد، وهو ما مهد للمكانة الخاصة التي احتلتها القضايا الجسدية ولطرحها بشكل أكثر جرأة في أعقاب ثورة 25 يناير 2011، أو ما يمكن اعتباره الموجة النسوية الرابعة.

 

تطور أسئلة الجسد والجنسانية بعد يناير 2011  

 

أدى فتح المجال العام مع أحداث ثورة 25 يناير 2011 إلى تدفق آلاف الشابات إلى المجال العام وتعد الموجة النسوية التي تلت ثورة يناير هي موجة الحقوق الجسدية وأسئلة الجسد بامتياز، مع ارتباط ذلك بنضال النسويات للعقود الثلاثة التي سبقت الثورة على قضايا الختان والعنف الجنسي. فشكلت ثورة يناير اختلافين أساسيين فيما يخص التعامل مع قضايا الجسد، أولهما مرتبط بتناول قضية العنف الجنسي نفسها الذي شهد تحولا بعد ثورة يناير وثانيهما مرتبط بطرح قضايا أخرى مرتبطة بالحقوق الجسدية والجنسية بشكل أكثر جرأة وانفتاحا من ذي قبل، لتجعل قضايا الجسد بشكل عام إحدى الاسئلة والقضايا المحورية داخل الحركة النسوية المصرية حاليا والمطروحة دائما إلى النقاش التطور.  

 

شهدت أحداث ثورة يناير وتبعاتها وقائع عنف جنسي مروعة في محيط التظاهرات والتجمعات، بالأخص الفترة ما بين 2011 و 2014 حيث أن وتيرة التجمعات والفعاليات الاحتجاجية انخفضت بشكل ملحوظ بعد 2014. بدأت جرائم العنف الجنسي المعروفة أو الموثقة منذ فبراير 2011 عندما تعرضت مراسلة أجنبية وهي مراسلة قناة سي بي اس إلى اعتداء جنسي جماعي أثناء تغطيتها للأحداث في ميدان التحرير. وخلال عام 2011 كان التركيز الأكبر على انتهاكات قوات الشرطة\الشرطة العسكرية المجندرة ضد أجساد المتظاهرات. ففي 8 مارس 2011 وهي أول مسيرة انطلقت من أجل المطالبة بحقوق النساء في الثورة، تم التعدي على المسيرة وتحرش مواطنون مجهولون بالمتظاهرات، وفي اليوم التالي( 9 مارس) قامت القوات العسكرية بفض التجمع الموجود في ميدان التحرير وتم احتجاز بعض المتظاهرات وإجراء كشوف عذرية إجبارية لبعضهن، وأثار هذا الحدث انتباه العديد من النساء والمجموعات النسوية حيث شكل بشكل واضح تعدي فاعلي الدولة على أجساد النساء واستخدام جنسانياتهن لترهيبهن وتشويههن مجتمعيا. وتكرر ذلك في نهاية العام فيما عرف بحادث "فتاة الصدرية الزرقاء"، حبث قامت قوات الشرطة العسكرية بسحل متظاهرة وتعريتها أثناء أحداث مجلس الوزراء في ديسمبر 2011 وسط قبول مجتمعي ألقى اللوم على الفتاة. وخلق حراكا حول هذه الأحداث تدين بوضوح تعامل فاعلي الدولة مع المتظاهرات وانتهاك أجسادهن، وكان جزء من هذا الخطاب التأكيد على حرية النساء في اختيار ملبسهن ومظهرهن والتصرف في أجسادهن دون أن يبرر ذلك انتهاك هذه الأجساد.

 

وشكلت الفترة ما بين نوفمبر 2012 ويناير 2013 نقطة تحول حقيقية في التعامل مع قضايا العنف الجنسي، حيث ظهرت جرائم اعتداءات جنسية جماعية واغتصابات جماعية تضمنت مستوبات غير مسبوقة للعنف حيث تم اغتصاب نساء بالآلات الحادة ووثقت المجموعات والمنظمات النسوية حوالي 500 حالة تحرش جنسي واعتداءات واغتصابات جماعية في محيط التظاهرات والتجمعات والاعتصامات بين 2011 و 2014. وأصبح واضحا في هذه الفترة أن هذه الجرائم تمثل نمط انتهاك واضح ونشرت العديد من المنظمات النسوية شهادات لنساء تعرضهن لهذه الجرائم، كما تحدثت بعض الناجيات اللاتي تعرضن لهذه الجرائم بشكل علني ودون إخفاء هوياتهن، وبدأت المنظمات النسوية كذلك تنشر أوراق الموقف والبيانات وتضعط على المجموعات السياسية المختلفة مثل الأحزاب والجبهات من أجل الاعتراف بهذه الجرائم وتوفير الحماية للنساء. كما تشكلت في سابقة في تاريخ النضال النسوي في قضايا العنف الجنسي مجموعات تدخل مثل "أوبانتش" (قوة ضد التحرش والعنف الجنسي) و"تحرير بودي جارد" وغيرها من أجل التدخل لحماية النساء وتخليصهن من دوائر الاعتداء.

 

وتعتبر هذه الأحداث نقلة فيما يخص التعامل مع قضية العنف الجنسي وبالتبعية مع قضية الجسد على أكثر من صعيد. أولا كانت بشاعة جرائم التحرير والمعركة التي خاضتها النسويات في هذه المعركة أقوى من رغبة الدولة والمجتمع في التواطؤ على هذه الجرائم. وأدى ذلك إلى أولى الانتصارات السياسية والتشريعية المتعلقة بقضية العنف الجنسي (باستثناء قضية الختان). فتم تعديل المادة 306 من قانون العقوبات المصري ليجرم التحرش الجنسي عام 2014 كما أقر دستور 2014 في المادة (11) مسؤولية الدولة في حماية النساء من جميع أشكال العنف، كما أطلق المجلس القومي للمرأة الاستراتيجية الوطنية لمناهضة العنف ضد النساء عام 2015 وغيرها من الأمثلة. ويشكل ذلك تحولا فيما يخص التعامل مع قضايا الجسد حيث أنه لأول مرة بعد قضية الختان يتم تسييد قضية متعلقة بالحقوق الجسدية بحيث يصبح الحديث عنها مقبول نسبيا من الدولة والمجتمع وبحيث تصبح من ضمن الأولويات في السياسات المتعلقة بحقوق النساء. ثانيا، تغير وتطور الخطاب النسوي نفسه حول العنف الجنسي ضد النساء، فمثلا أصبحت تعريفات العنف الجنسي نفسها أشمل وأدق وأكثر تعقيدا من ذي قبل حيث أن بشاعة الجرائم نفسها طورت مفاهيم لم تكن موجودة بهذا الوضوح قبل اغتصابات التحرير مثل مفهوم الاغتصاب بالآلات الحادة. كما أصبح الوعي بانتهاك أجساد النساء من قبل فاعلين مجتمعيين وربط انتهاك أجساد النساء في المجال الخاص والعام أكثر تبلورا. ثالثا، بدا من اغتصابات التحرير أن معادلة الحقبة الناصرية أو الدولة ما بعد الاستعمارية في وجود مجال عام "حديث" يحترم بدرجة ما تواجد النساء به طالما احترموا شروط هذا التواجد ومجال خاص أكثر "تقليدية" أصبحت غير صالحة، حيث أن النساء تعرضن في هذا المجال العام لأبشع الانتهاكات والجرائم الجنسية. وعلى قدر بشاعة الجرائم واستباحة أجساد النساء في المجال العام المصري التي باتت واضحة في هذه الأحداث، أتى الحراك النسوي وكسر حواجز متعلقة بالجسد والعنف الجنسي.

 

إلا أن الحديث عن الجسد بعد الثورة لم يتوقف عند اعتداءات التحرير بل فتحت الثورة بابا لنقاشات أخرى متعددة عن الجسد وحقوقه وانتهاكه. وفي سؤال العنف الجنسي، لم تكتف المجموعات النسوية بمواجهة اغتصابات التحرير أو كسر الصمت والتطبيع المجتمعي معها، ولكن ظهرت أيضا مبادرات نسوية شابة مهتمة بأسئلتها الخاصة حول الجسد. فبالإضافة إلى سؤال العنف الجنسي في المجال العام التي اختبرته معظم النساء والنسويات الشابات من خلال اشتباكهن مع الفعاليات السياسية المختلفة، أعادت بعض المجموعات الشابة طرح قضية العنف الأسري استكمالا لنضال الجيل الذي سبقهن، فظهرت مبادرات وحملات تدوين تحت عنوان "قانون يحمي الفتيات من العنف الأسري"، والتي تحولت فيما بعد إلى مبادرة أكثر تنظيما وليس مجرد هاشتاج أو دعوة للتدوين، كما اختارت مجموعات نسوية أخرى مثل "ثورة البنات" الحديث عن المواضيع المتعلقة بحرية المظهر والملبس وطرحها بجرأة. وربما ما ميز تلك الموجة أيضا في سؤال الجسد هو التشجيع على ثقافة البوح والحكي، فظهرت بعض الهاشتاجات مثل "أول مرة تحرش كان عمري" و"أنا أيضا" تيمنا بالحملة العالمية التي تحمل نفس الاسم باللغة الانجليزية، وكسرت تلك الحملات التدوينية حاجزا أيضا مرتبط بجرأة وشجاعة العديد من النساء في البوح عما تعرضن له وطرح مواضيع شديدة الحساسية مثل تعرض الفتيات والأطفال للتحرش أو الاعتداء من قبل أفراد العائلة، أو تعرض النساء إلى أشكال مختلفة من العنف الجنسي من قبل الزملاء والشركاء في العمل السياسي والعام.

 

وحيث أن الثورة فتحت بابا للحديث عن سؤال الجسد بشكل مختلف، أصبح أيضا الحديث عن الهويات والتعبيرات الجندرية والميول الجنسية المختلفة من ضمن المواضيع التي تم طرحها للحوار المجتمعي بعد الثورة، في تقاطع بين الحركة النسوية والكويرية. ولا يعني ذلك أن قضايا مجتمع الميم لم تكن موجود قبل الثورة أو أن النشطاء على هذه القضية ظهروا بعد الثورة فقط، ولكن كما تم طرح الأسئلة المتعلقة بحقوق النساء الجسدية بشكل أكثر انفتاحا وتعميمها بشكل ملحوظ، ربما ساهم هذا السياق في طرح قضايا الميم كذلك بأدوات مختلفة. وربما يكون المثال الأكثر وضوحا هو رفع أعلام القوس قزح في حفل مشروع ليلى في سبتمبر 2017، حيث رفع عدد من الحاضرين\لت في هذه الحفلة علم القوس القزح في تعبير عن الهويات والتعبيرات الجندرية والميول الجنسية المختلفة لمجتمع الميم وهو ما أدى إلى رد فعل مجتمعي عنيف في أغلب الأحيان واستهداف من قبل الدولة تمثل في القبض على عدد من النشطاء والأشخاص ذوي التعبيرات\الهويات الجندرية والميول الجنسية المختلفة وحبسهم\ن لمدد متفاوتة. وبالرغم من أن هذه لم تكن المرة الأولى التي تطرح فيها قضايا متعلقة بمجتمع الميم وبالرغم من استهداف أفراد هذا المجتمع من قبل الدولة وغير فاعلي الدولة هو أمر مستمر، إلا أن اختلاف هذا الحادث كان مرتبط بكونه من الوقائع الأولى التي شهدت تعبيرا علنيا في تجمع بهذا القدر من الشعبية والتغطية الإعلامية عن وجود هذه الهويات وأحقية وجود أجسادها. وبالرغم من الاستهداف والعنف الذي طال أفراد هذا المجتمع، إلا أن أصبح هناك حوارا مجتمعيا حقيقيا حول هذه القضية.  

 

خاتمة

 

تناولنا في هذه الورقة بعض ملامح تطور سؤال الجسد والحقوق الجسدية من 1919 و2019. وبينما كانت الفترة من سبعينيات القرن الماضي حتى اليوم هي الأكثر بروزا في طرح سؤال الجسد داخل الحركة النسوية المصرية حيث أسفر الحراك حول ختان الإناث وقضية العنف الجنسي عن مكاسب تشريعية ودستورية وسياسية هامة للنساء، إلا أن سؤال الجسد لم يكن غائبا في ما سبق ذلك من حقب تاريخية. ويمكننا القول أن سؤال الجسد تطور من كونه أداة أو وسيلة مراد بها تحقيق مطالب أخرى مثل التعليم أو المشاركة السياسية، إلى كونه موضوع في حد ذاته ومحور لمطالب الحركة النسوية. كما انتقل سؤال الجسد من حيز الأفكار والتأملات الشخصية إلى النقاشات العامة والسياسية، حيث مر بعملية "تسييس" خلال المعارك والموجات النسوية المختلفة. ولم يكن الجسد ليحتل تلك المكانة المحورية في النقاشات النسوية الحالية لولا معارك تواجده وخروجه إلى المجال العام ولولا البدايات الخجولة لطرح السؤال في الأدبيات النسائية والنسوية. وربما يكون التطور الرئيسي الذي شهده هذا السؤال هو إدراك استحالة تحقيق المطالب والحقوق الأخرى بشكل كامل طالما أجسادنا منتهكة ومقيدة.

 

استطاعت الحركة النسوية على مدار العقود الماضية انتزاع العديد من المكاسب المتعلقة بحرية وحقوق أجسادهن، إلا أنه لا تزال أجساد النساء المصريات تتنهك بشكل يومي ولا زالت حقوقها مشروطة. فمئة عام- على الأقل- من النضال لم تكن كافية لتحرير أجسادنا بشكل كامل ولا تزال المسيرة طويلة.  

رابط دائمhttp://www.nazra.org/node/640