يحتفل العالم اليوم، الجمعة 25 نوفمبر 2011، باليوم العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة، ولقد أردنا كمنظمات نسوية الاشتراك في الحملة الدولية "16 يوم ضد العنف المبني على النوع الاجتماعي" وذلك عن طريق تنظيم عدد من الفعاليات في مصر، خاصة أن موضوع هذا العام هو مقاومة العسكرة وإنهاء العنف ضد النساء، وذلك للفت الأنظار إلى حقيقة الوضع الحالي في مصر وكيف يساهم العيش تحت الحكم العسكري في تعاظم معدلات العنف ضد النساء من خلال تعزيز القيم الأبوية.
ولقد قمنا بالفعل بالاتفاق والتخطيط لإجراء عدد من الفعاليات تتماشى مع موضوع هذا العام ولكن نظراً لما تشهده الساحة من انتهاكات وجرائم واسعة النطاق بحق المشتركين والمشتركات في المظاهرات والاحتجاجات، قررت المنظمات الموقعة على هذا البيان وقف أنشطة الحملة وعدم المشاركة فيها والانضمام إلى الجماهير الواسعة في نضالها ضد جرائم الشرطة المدنية والعسكرية، وتجاوزات القائمين علي إدارة شئون البلاد.
خلال الأشهر الماضية، نظم مصابو ثورة 25 يناير أكثر من اعتصام في العديد من الأماكن بما فيها ميدان التحرير، وتركزت مطالبهم في هذه الاعتصامات على إعطائهم تعويضاتهم المستحقة وتغطية تكاليف علاجهم من قبل الدولة، وفي 19 نوفمبر 2011 قامت قوات الأمن بفض اعتصام مصابي الثورة بالقوة، مما دفع الناس للعودة إلى الميدان لدعم المصابين – كما حدث في 28، 29 يونيو- والتظاهر ضد عنف الشرطة وضد الحكم العسكري.
وباستمرار العنف لليوم السابع على التوالي، تتصاعد الموجة الثانية من الثورة المعارضة للعسكرة وليس فقط ضد عنف الشرطة. إن العنف الذي نواجهه في اللحظة الآنية من الشرطة والقوات المسلحة هو أكبر تجلي للأسباب التي نحارب العسكرة لأجلها.
إن مشاركة النساء في هذه المرحلة من الثورة أعلى بكثير، رغم أن هذه المرحلة أكثر عنفاً، إلا أن النساء تتحدى فيها دوائر الحماية التي فرضت حولهن من المجتمع الذكوري، فلقد شاهدنا نساء يشاركن في المستشفيات الميدانية المتواجدة في المناطق التي تشهد اشتباكات وفي الشوارع الأكثر خطورة مثل شارع محمد محمود، ويتم حملهن من الصفوف الأمامية فاقدات الوعي من تأثير الغازات المسيلة للدموع، وتتبعنا حالات لنساء اعتقلن من قبل قوات الأمن ونحن الآن نحاول توثيق الظروف التي اعتقلن فيها والعنف الذي تعرضن له.
وباختلاف أدوار النساء خلال هذه المرحلة من الثورة، اختلفت كذلك ردود الأفعال حيال تلك المشاركة، فعلى سبيل المثال لم تقابل مسيرة الدروع البشرية النسائية التي حدثت يوم الأربعاء 23 نوفمبر بنفس الرفض الذي واجه مسيرة اليوم العالمي للنساء التي أقيمت في 8 مارس الماضي، وذلك لأن مسيرة الدروع البشرية كانت مرتبطة أكثر بسياق واحتياجات الثورة على الأرض.
وقالت يارا سلام – مديرة برنامج المدافعات عن حقوق الإنسان بنظرة للدراسات النسوية "في البداية كنت أحاول أن أكون أقرب ما يكون إلى خطوط المواجهة حتى لا يكون عدد المتظاهرين هناك قليلاً، بعدها قررت أن أقدم الإسعافات الطبية العاجلة للتخفيف من أثر قنابل الغاز الذي يلقى على المتظاهرين في شارع محمد محمود" وأضافت " لقد شعرت بقوة هائلة بسبب وجود النساء في هذه المواقع للمشاركة متحديات الدور الحمائي الذي دائماً ما يلعبه الرجال في حياتهن".
تعيد النساء في هذا الوقت تعريف الأدوار الاجتماعية المنوطة بهن في المجال العام ويدفعن ثمن ذلك، فأصبحت النساء أكثر عرضة لخطر العنف المبني على النوع بصفة عامة نظراً لتنامي دورهن في المجال العام. كما تتعرض النساء لمحاولات من الإثناء عن المشاركة في المظاهرات أو الذهاب إلى أماكن الاشتباكات إلى الحد الذي قد يحاول فيه الرجال إيقافهن عن فعل ذلك.
وفي هذا السياق، قالت داليا عبد الحميد – مسئولة النوع الاجتماعي وحقوق النساء بالمبادرة المصرية للحقوق الشخصية "لقد كنا في المشرحة يوم 21 نوفمبر، وكان هناك تواجد قوي للناشطات اللائي ساعدن في جمع التبرعات لتغطية تكاليف الدفن، وحماية حقوق أسر الشهداء في إجراء تشريح وتحقيق شفافين"، وأضافت "لقد كنا جميعا نساءً ورجالاً هناك داعمين للأهالي وجميعنا أظهرنا الدعم والتعاطف والرحمة، وهي صفات دائماً ما ينسبها المجتمع للنساء فقط".
إننا نحارب – وسنحارب دائما – ضد عسكرة المجتمع، ولن ننسى أبدا كيف انتهكت المؤسسة العسكرية كرامة النساء وحقوقهن الجسدية بإجراء فحوص عذرية إجبارية عليهن في أعقاب فض اعتصام 8 مارس من العام الجاري، ونحن في انتظار قرار المحكمة في هذا الشأن يوم 29 نوفمبر القادم.
إننا في اليوم العالمي للقضاء على العنف ضد النساء نسألكم نساءا ورجالا أن تدعموا الثورة المصرية في موجتها الثانية، لنتمكن من الوصول إلى مرحلة ديمقراطية آمنة ونستكمل دورنا في بناء وطننا والنضال لتحقيق المساواة النوعية.
المنظمات الموقعة: نظرة للدراسات النسوية - المبادرة المصرية للحقوق الشخصية - مؤسسة المرأة الجديدة - مركز النديم لتأهيل ضحايا العنف والتعذيب - مؤسسة المرأة والذاكرة.