النساء بين الدولة والحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي

نيفين عبيد

تدوينة

31 مارس 2016

قبيل انعقاد المؤتمر العام للحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي، تكتب أمينة المرأة في الحزب، نيفين عبيد عن تجربتها الخاصة بتطبيق مبدأ التمييز الإيجابي في مواقع القيادة داخله.

 

النساء بين الدولة والحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي

 

يمر الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي هذه الآونة بتجربة خاصة، فهو الحزب الوحيد بين الأحزاب المصرية الذي أقرت لائحته نسبة من تمثيل النساء بين صفوفه تصل إلى 30% على المناصب القيادية الحزبية، وهي بالفعل تجربة فريدة، لم يقدم عليها حزب الوفد في أوج مجده عندما كان ملاذا حاضنا للجيل الأول من نسويات الحركة النسائية.

 

والحقيقة إنها تجربة تستحق المتابعة وتجديد القراءة من وقت لآخر، ليس فقط لأهمية معرفة هل سيستطيع الحزب الاستمرار في الحفاظ على هذه النسبة من عدمه؟، أو كيف سيدير الحزب نسبة النساء بين صفوفه؟؟ أو قياس نتائج التمثيل النسبي للنساء على أداء الحزب في الانتخابات البرلمانية وغيرها؟؟ وإنما أيضاً لقياس أثر التمثيل النسبي للنساء على تغيير الصورة النمطية للمرأة في ذهن كل من السياسي الرجل والمرأة أصحاب الخطابات المعادية لتمكين النساء من العمل السياسي والحزبي، وتطوير الخطاب الحزبي وتقديمه لرسائل تغيير ديمقراطية حقيقية تدمج النساء في صناعة القرار في المجتمع والدولة.

 

إنني جئت اليوم لأكتب لكم عن حجم التحديات التي تواجه النسويات الحزبيات في الدفاع عن آليات دمج النساء في العمل الحزبي داخل الأحزاب الديمقراطية! ومنها نظام التمثيل النسبي للمرأة بالأحزاب، وأعرض لكم إلى أي مدى من الممكن أن تتطابق رؤى التمييز ضد النساء والمحافظة تجاه المرأة بين الدولة والأحزاب فيما يتعلق بخلق مساحة رحبة تخص النساء والمشاركة السياسية داخل الأحزاب.

 

خطاب الكفاءة: أكذوبة الدولة والقيادات الحزبية

 

عندما تواجه الدولة بندرة تمثيل النساء في المناصب القيادية، عادة ما يأتينا خطاب معلب ومحفوظ يتعلق بمدى كفاءة النساء، فالمناصب مسائلة تشترط الكفاءة وليست العدالة، هكذا يأتينا خطاب الدولة الأبوية الرسمي ولا تندهشوا إن قلت لكم أنه أيضاً خطاب يتبناه بعض قيادات أحزاب التغيير ومن الجنسين؛ خطاب يتطابق ويتساوى فيه كل من يحمل مشاعل التغيير والمعارضة مع سلطة ذات تاريخ استبدادي وأبوي وسلطوي.

 

متساوياً كلا الطرفين في الجهالة بفكرة "الحق" في المشاركة في صناعة القرار، وإتاحة المجال في التمثيل النوعي للنساء، يتعامى كلاهما عن الدستور وحقوق النساء في الاستدعاء لمناصب صناعة القرار وفقا ًللمادة (11)، متنازلين بتواطؤ مفضوح بينهما عن التزام كلاهما بالمواثيق الدولية الداعية لمكافحة جميع صور التمييز ضد النساء والملزمة للدولة والأحزاب التي تعرض نفسها بديلاً عن النظام.

 

خطاب "الكفاءة المكذوب" الذي أتى به كل القيادات الذكورية رجالاً ونساء سواء كانوا قيادات رسمية أو حزبية إلي سدة القيادة وصنعوا بمقتضاه خيبات الدولة والعمل الحزبي منذ عقود حتى وصل بنا الحال لما نحن عليه الآن، وتتجرعه النساء بمزيد من التهوين تشيئ من حجم طاقتهن وحقهن في التعلم واكتساب الخبرة. 

خطاب "الكفاءة المكذوب" عند تمثيل النساء بالقيادة وصناعة القرار خطاب يتواطأ مع رجعية المجتمع الذي يرفض ولاية النساء، ويحتكر دائماً سدة القيادة للرجل أو للمرأة التي تحمي مصالح الرجل، لكنه أبداً ليس خطاب المدافعين أو المدافعات عن حقوق النساء.

 

 "حماية المصالح" بيت القصيد للدولة والقيادات الحزبية

 

دائماً ما تفتقر الدولة التفكير في إيجاد مناخ داعم للتنوع يضمن وصول الفئات المستبعدة تاريخياً لمراكز القيادة وصناعة القرار، وهو غياب ملحوظ ومقصود، فالمشاركة في صناعة القرار أمر يشترط حماية المصالح في الوصول للسلطة وحمايتها، والحقيقة أن حماية السلطة هدف لا يقتصر فقط على الدولة وإنما هو أمر يخص كل من يصل أو يريد أن يصل للسلطة، وبالتالي يجب أن تصل امرأة الدولة أو امرأة القيادة الحزبية، وليست امرأة مدافعة عن قضايا النساء، فوصول النساء للسلطة مشروط بالطاعة. وبالتالي ينطبق موقف الدولة عن موقف القيادات الحزبية وكلاهما يعادي آليات تمكين النساء من صناعة القرار، كلاهما يعادي ويرفض تحرير النساء. 

 

"تنظيم النساء" المارد الذي يتخوف منه الجميع ولا يقوى عليه أحد

 

وعلى الرغم من استيعاب قطاع واسع من تيار التغيير لضرورة التنظيم السياسي والحزبي، إلا أن رؤية بعض القيادات الحزبية المحسوبة على تيار التغيير في تنظيم النساء لازالت ضعيفة وقاصرة بل وربما معادية لتنظيم المرأة، تتطابق في رؤيتها مع الدولة في النظر إلي تنظيم النساء، فهم لا يزدن عن كونهن رؤؤس للدعم في الوصول للسلطة سواء داخل الحزب أو خارجه، وكتل جماهيرية وليس شركاء، بطاقات انتخابية ليس أكثر، طرق ممهده للوصول للقيادة، أرقام في كشوف الناخبين، وقلما طرحت رؤية تتعلق بتجويد آليات تنظيم النساء كجماعة ضغط سياسية وحزبية، بل تتزايد التخوفات في صناعة جماعة ضغط نسائية. 

ألم يحن الوقت أن تحمى النساء مكتسباتها؟؟

 

الحقيقة أن الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي على أعتاب انتخابات فيصليه، غداً سيكون لنساء حزبيات تصل نسبتهن إلى 44% من الهيئة العليا حق التصويت والانتخاب، جاء تمثيلهن بهذه النسبة كثمار جهد لمجموعة ضغط لنسويات ديمقراطيات قوية، غداً سيكون لجميعهن صوت انتخابي إما أن تتخير مناخ داعم يسمح لتجربة التمثيل النسبي النساء بالتراكم والبناء، وتأخذ موقفاً من ذكورية العمل الحزبي وأبوية التنظيم التقليدي للدولة والأحزاب، أو تتخير وأد التجربة في المهد.

 

نيفين عبيد

** المحتوى يعبر عن رأي كاتبته.

رابط دائمhttp://www.nazra.org/node/479