التعديلات الدستورية لا تحقق الديمقراطية الداعمة لتواجد النساء في الحياة السياسية

ورقة بحثية

17 فبراير 2019

يعد تنظيم الحقوق والحريات للمواطنين والمواطنات هو أداة لقياس تطور أنظمة الحكم وعلاقة الدولة بمواطنيها والذي يتضح بشكل جلي في الدستور الحاكم للبلاد. ومما لاشك فيه أن مصر من الدول التي لها تاريخا في تطور الدساتير كعملية سياسية من محاولات لتضمين حقوق أو ترسيخ شكل لنظام الحكم وقد ظهر هذا جليا منذ دستور 1923، وكان ارتباط تطور دساتير مصر بمشاركة المواطنين والمواطنات في المجال العام ومن ثم المشاركة أو الضغط لضمان حقوق الكافة رجالًا ونساءً.

 

كان لنساء مصر دور كبير في ما مرت به مصر من تغييرات وانعكس هذا الدور على تطور دساتير مصر . فمنذ توثيق خروج النساء المصريات في مظاهرات 1919 أصبحت حقوق النساء قضية تطرح في المجال العام وبرزت المطالبات بتضمين بعض الحقوق في دساتير مصر.

 

تصدر "نظرة للدراسات النسوية" هذه الورقة في فبراير 2019 بعد قرار مجلس النواب المصري في جلسته العامة يوم 14 فبراير بإحالة مقترح تعديل عدد من مواد دستور مصر لعام 2014 إلى اللجنة الدستورية والتشريعية في محاولة منا لطرح خلفية عامة عن حقوق النساء وفي إطار ماتم طرحه من تعديلات. تحاول تلك الورقة الإجابة عن سؤال أساسي: هل تحتاج نساء مصر لتعديل دستور 2014 وهل تتضمن التعديلات المقترحة حقوقا أكثر للنساء؟ وهل تحتاج نساء مصر في عام 2019 لتعديل الدستور لزيادة مدة حكم رئيس الجمهورية والانتقاص مما كفله دستور 2014 من قيم الفصل بين السلطات وإقرار العديد من الحقوق والحريات من بينها حقوق النساء؟ وأخيرًا هل زيادة حصص النساء داخل المجالس المنتخبة هو ما تحتاجه النساء لتمارس حقوقها، أم أن ضعف المشاركة السياسية للنساء يرجع لعوامل أكثر تعقيدًا؟

 

شاركت النساء المصريات في فعاليات مختلفة في المجال العام منها مظاهرات 1919 والتي تم توثيق سقوط أول شهيدة مصرية في 10 أبريل 1919 داخل تلك المظاهرات وجاء الطرح في أعقاب ذلك لوضع النساء وما يترتب على خروجهن للمجال العام كمشاركات فاعلات وبداية تكوين حركات نسائية ونسوية ترى حقوق النساء كأولوية في طرح قضايا الوطن. ترتب علي تلك المشاركة المبكرة للنساء في الكفاح الوطني المادة (3) من دستوري 1923 و1930 والتي تنص على أن "المصريون لدى القانون سواء. وهم متساوون فى التمتع بالحقوق المدنية والسياسية وفيما عليهم من الواجبات والتكاليف العامة لا تمييز بينهم فى ذلك بسبب الأصل أو اللغة أو الدين…"

 

استمر تطور الحركة النسائية والنسوية وتزايدت مشاركة النساء في المجال العام ومطالبتهن بالعديد من الحقوق والذي ظهر جليا بعد 1952 عندما بدأ العمل على إقرار دستور جديد للبلاد بعد انتهاء عصر الملكية، وكانت النساء في مقدمة المطالبات بحقوقهن بدءا من المطالبة بتمثيل نساء داخل اللجنة المعنية بكتابة الدستور حتى تضمين حقوق مختلفة للنساء كان على رأسها إقرار حق المشاركة السياسية للنساء كناخبات ومرشحات. وتعد تلك المعركة من أهم محطات نضال نساء مصر حيث قادت درية شفيق العديد من التحركات النسائية للضغط على البرلمان منها مظاهرة ضمت 1500 سيدة مصرية عام 1951 اتجهت للبرلمان المصري مطالبات بكامل الحقوق السياسية للنساء، وكذلك بإصلاح قانون الأحوال الشخصية والمطالبة بالمساواة بين الجنسين في الأجور وتنظيم إضراب عن الطعام للتأكيد على مطالبهن.

 

بينما دفعت النساء المطالبات بتلك الحقوق ثمنًا باهظًا من جراء تلك المطالبات والتي تجلت في تحديد إقامة درية شفيق في بيتها حتى وافتها المنية في 1975، وتبع ذلك العديد من الإجراءات لغلق المجال العام منها إلغاء الأحزاب السياسية وتأميم العمل الأهلي منها حل جمعية " بنت النيل" والتي كانت تديرها درية شفيق والعديد من الاعتقالات للكثير من المعارضين لنظام الحكم آنذاك، إلا أن ما طالبت به تلك النساء تم تضمينه في دستور 1956 وأصبح من حق المرأة المصرية لأول مرة الانتخاب والترشح في الانتخابات المختلفة، وتم تمثيل راوية عطية داخل أول برلمان بعد إقرار الدستور. كما نصت المادة (43) من دستور 1954 على أن "ينظم القانون العمل للنساء والأحداث. وتعنى الدولة بإنشاء المنظمات التى تيسر للمرأة التوفيق بين العمل وبين واجباتها فى الأسرة، كما تحمى النشء من الاستغلال وتقيه الإهمال الأدبي والجسماني الروحي."، ونصت المادة (19) من دستور 1956 على أن "تيسر الدولة للمرأة التوفيق بين عملها في المجتمع وواجباتها في الأسرة.". ويلاحظ استمرار تلك الصيغة الخاصة بدور الدولة في مساعدة النساء على التوفيق بين أدوارهن في المجالين العام والخاص في كافة دساتير مصر التالية (1971-2012 و2014) والتي تنطوي على تمييز ضمني ضد النساء نظراَ لكون دورهن في المجال الخاص ينظر إليه بوصفه دورهن "الأساسي" بينما يأتي دورهن في المجال العام تاليا له ومترتبًا على عدم المساس بهذا الدور بالأساس. إن التحليل النسوي للصيغ المختلفة لتلك المادة يبرز مدى تناقض وارتباك رؤية الدولة المصرية لأدوار النساء وما تريده منهن وهو ارتباك أصيل لم تنجح النساء المصريات رغم عقودًا طويلة من النضال في حسمه أو القضاء عليه.

 

ومع استمرار مشاركة النساء ومطالبتهن بحقوقهن وتطور الحركة النسائية والنسوية ومع طرح دستور 1971 جاءت المادة (11) من دستور 1971 تنص على أن " تكفل الدولة التوفيق بين واجبات المرأة نحو الأسرة وعملها في المجتمع، ومساواتها بالرجل في ميادين الحياة السياسية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية، دون إخلال بأحكام الشريعة الإسلامية." أي أن المادة جاءت كما هي مع إضافة أحكام الشريعة الإسلامية تماشيًا مع الاتجاه الجديد للدولة الذي جاء بعد تعديل المادة الثانية من الدستور وإضافة أحكام الشريعة الإسلامية كمصدر أساسي للتشريع.

 

ومع محاولات تعديل دستور 1971 واقرار التعديل في 2005 للمادة"76" والمادة " 192" والتي تخص مدة حكم رئيس الجمهورية، وكان هناك اعتراض شعبي على تلك التعديلات والتي لم يستفيد منها الرئيس محمد حسنى مبارك والذي اضطر للتنحي بعد قيام ثورة 25 يناير 2011. وكانت النساء قد شاركت في العديد من التظاهرات للاعتراض على التعديلات الدستورية منها مظاهرة مايو 2005 والتي عرفت باسم" الأربعاء الأسود" والذي تم فيها توثيق العديد من الاعتداءات الجنسية الجماعية على المتظاهرات.

 

وبعد تنحي الرئيس محمد حسني مبارك في 11 فبراير 2011 وبدايات العمل على صياغة دستور جديد للبلاد جاء دستور 2012 عاصفا بحقوق أساسية للنساء والتي كان يجب تضمينها في الدستور. فقد جاء دستور 2012 ليصور النساء أولًا كـ "شقائق للرجال وشريكات في المكتسبات والمسئوليات الوطنية" (في الديباجة) ثم كـ "أم" ومعيلة للأسرة ومطلقة وأرملة (في المادة 10). مع اختلاف الحالات تشترك هذه الإشارات لحالة "تابع" فالمرأة "مفعول به" دائمًا ولا تظهر كفرد مستقل في هذا العقد الاجتماعي المصري الجديد. وفي النهاية يأتي هذا التصوير متناسقًا مع مفهوم المواطنة المطروح في الوثيقة التي اختارت اللجنة التأسيسية للدستور أن تسقط عنها مبدأ عدم التمييز "بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين أو العقيدة" (المادة 33).

 

وبعد 30 يونيو 2013 ومع عزل وزير الدفاع المصري آنذاك عبد الفتاح السيسي للرئيس محمد مرسي وتعطيل دستور 2012 أصدر الرئيس المؤقت المستشارعدلي منصور قرارا بتشكيل لجنة العشرة لتعديل الدستور بموجب المادة 28 من  الإعلان الدستوري ومن الجهات التي نص عليها الإعلان الدستوري ومن ثم تشكيل لجنة الخمسين في سبتمبر 2013 بقرار 570 لسنة 2013 بهدف دراسة مشروع التعديلات الدستورية الوارد من لجنة العشرة وعليه تم الاستفتاء العام علي المسودة في 14 و15 يناير 2014 وتم العمل بيه منذ تاريخ 18 يناير 2014.

 

يعد دستور مصر لعام 2014 هو أحد مكاسب نضال الحركة النسوية والمجموعات النسائية لتضمين استحقاقات دستورية تخص كافة الحقوق والحريات الخاصة بالنساء على كافة المستويات السياسية والاجتماعية والاقتصادية، وتضمين الدستور المبادئ الهامة والعامة التي تعٌامل النساء كمواطنات متساويات لنظرائهن من الرجال في الوطن الواحد، وهي مبادئ لم تكن موجودة في الدساتير المصرية من قبل سواء في الدساتير التي تم إنشاءها من أول وجديد أو الدساتير التي تم تعديلها. وذلك لأن المكاسب والاستحقاقات الدستورية الحالية الموجودة في دستور 2014 وضعت أساس الحكم الديمقراطي القائم على المساواة بين المواطنين والمواطنات في كافة مناحي الحياة وأقرت مبادئ هامة وفعالة لقيام دولة ديمقراطية حقيقية منها علي سبيل المثال وليس الحصر، أولا مبدأ تداول السلطة، وثانيا الفصل بين السلطات الثلاثة التشريعية والتنفيذية والقضائية دون تداخل أي سلطة في مهام الأخرى، وثالثا مبدأ تجريم التمييز بكافة أشكاله وأنواعه في المجتمع المصري، ورابعا إقرار مبدأ اللامركزية في إدارة المحليات وتخصيص مقاعد محددة لصالح النساء وضرورة تمثيل الفئات المختلفة بالمجتمع في الإدارات المحلية، وخامسا ووضع أسس العدالة الانتقالية والعمل على التمثيل المناسب للنساء في جميع الهيئات التشريعية والبرلمانية والتنفيذية والقضائية، وسادسا إقرار ضرورة مناهضة وتجريم كافة أشكال العنف ضد النساء، وأخيرا التزام الدولة بتطبيق وتفعيل المواثيق والمعاهدات الدولية التي وقعت عليها.

 

فلأول مرة يضمن الدستور المصري مساواة كاملة للنساء والرجال ويشمل تجريم واضح للعنف ضد النساء وأحقية النساء في تولي جميع المناصب منها القضائية ونظام انتخابي واضح يضمن للنساء المشاركة بأطر تمييز إيجابية في المحليات بنسبة 25% وإقرار مفوضية لمناهضة التمييز. كما أتي الدستور بمواد تضع حقوق النساء في مساحة يمكن النقاش والمطالبة بتحقيقها طوال الوقت.

 

ومن الجدير بالذكر أن العديد من تلك الاستحقاقات الدستورية لم يتم تحقيقها منذ إقرار الدستور والعمل به في يناير 2014 وحتى فبراير 2019 منها عدم إنشاء مفوضية مكافحة التمييز، استمرار عدم تمثيل النساء في العديد من المناصب القضائية"، وعدم إقرار قانون لمناهضة العنف ضد النساء وضعف السياسات في حماية النساء من العنف وغيرها من القصور في تحقيق المساواة بين النساء والرجال والتي أقرها الدستور،وفي نفس الوقت يطالعنا مجلس النواب الحالي في دور الانعقاد الرابع في يوم 3 فبراير 2019 بتعديلات دستورية تعمل على ترسيخ مبدأ عدم تداول السلطة باقتراح زيادة مدة الحكم في الدورة الرئاسية من أربع الى ست سنوات مع استثناء الرئيس الحالي وتمكينه من الترشح لمدتين جدد، ووضع تعديلات غير دستورية ومخالفة المادة 226 من الدستور والتي تنص على :

 

"لرئيس الجمهورية، أو لخٌمس أعضاء مجلس النواب، طلب تعديل مادة، أو أكثر من مواد الدستور، ويجب أن يُذكر فى الطلب المواد المطلوب تعديلها، وأسباب التعديل. وفى جميع الأحوال، يناقش مجلس النواب طلب التعديل خلال ثلاثين يومًا من تاريخ تسلمه، ويصدر المجلس قراره بقبول طلب التعديل كليًا، أو جزئيًا بأغلبية أعضائه. وإذا رُفض الطلب لا يجوز إعادة طلب تعديل المواد ذاتها قبل حلول دور الانعقاد التالى. وإذا وافق المجلس على طلب التعديل، يناقش نصوص المواد المطلوب تعديلها بعد ستين يومًا من تاريخ الموافقة، فإذا وافق على التعديل ثلثا عدد أعضاء المجلس، عرض على الشعب لاستفتائه عليه خلال ثلاثين يومًا من تاريخ صدور هذه الموافقة، ويكون التعديل نافذًا من تاريخ إعلان النتيجة، وموافقة أغلبية عدد الأصوات الصحيحة للمشاركين فى الاستفتاء. وفى جميع الأحوال، لا يجوز تعديل النصوص المتعلقة بإعادة انتخاب رئيس الجمهورية، أو بمبادئ الحرية، أو المساواة، ما لم يكن التعديل متعلقًا بالمزيد من الضمانات."

 

ونحاول في تلك الورقة تقديم ما هو الوضع الراهن فيما يتعلق بالتعديلات الدستورية ومخاوفنا منها من خلال المحاور الآتية:

 

- تقديم التعديلات الدستورية المقترحة من البرلمان المصري في دور الانعقاد الرابع بتاريخ 3 فبراير 2019.

- تحليل المقترح المقدم بخصوص زيادة نسب النساء في المجالس النيابية البرلمانية القادمة بنسبة 25% على الأقل.

- مناقشة التعديلات الدستورية المطروحة من قبل مجلس النواب المصري وهل تدعم مشاركة النساء في السياسة أم ترسخ للسلطوية وإقصاء النساء من المشهد السياسي والمجال العام.

- إلقاء الضوء حول الاستحقاقات الدستورية الغائبة عن التطبيق والتنفيذ في الواقع المصري لدستور عام 2014، وكيفية دعمها للمشاركة السياسية الفعالة والدائمة للنساء في مصر.

 

التعديلات الدستورية المقترحة من البرلمان المصري في دور الانعقاد الرابع بتاريخ 3 فبراير 2019:

 

طبقا لما جاء في تقرير اللجنة العامة عن مبدأ تعديل بعض مواد الدستور بناء على طلب مقدم من أكثر من خمس أعضاء المجلس بتاريخ 3 فبراير 2019 تقدم 155 عضو، أكثر من خٌمس أعضاء المجلس)، بطلب كتابي إلى السيد الأستاذ الدكتور علي عبد العال رئيس المجلس بتعديل بعض مواد الدستور، تضمن اقتراح استبدال نصوص المواد؛ 102/الفقرتين الأولى والثالثة، 140/فقرة أولى مع إضافة ما يلزم من مادة انتقالية، 160/ الفقرتين الأولي والخامس، 185، 189 /الفقرة الثانية، 190/ فقرة ثالثة، 200/الفقرة الأولى،204 /الفقرة الثانية 234، 243، 244 من الدستور، وإضافة ثمان مواد جديدة إلى أحكامه وإلغاء المادتين212، 213، وذلك استنادًا إلى حكم المادة 226 من الدستور، والمادة 140 من اللائحة الداخلية للمجلس. كان الأستاذ الدكتور رئيس المجلس قد أخطر المجلس خلال جلسته المنعقدة في ذات التاريخ بإحالة طلب التعديل إلى اللجنة العامة للنظر في المادة 133 من اللائحة الداخلية للمجلس في شأنه، وذلك عملا بحكم المادة 141 من اللائحة الداخلية للمجلس. عقدت اللجنة العامة اجتماعين لهذا الغرض، يومي 3، 5 من فبراير 2019.

 

تحليل النصوص المقترحة استبدالها في الدستور المصري 2019:

 

المادة 140: يستهدف اقتراح تعديل الفقرة الأولى من المادة 140 إلى زيادة مدة تولي منصب رئاسة الجمهورية لتصبح ست سنوات بدلا من أربع سنوات التي أظهرت التجربة العملية قصرها الشديد وغير الملائم للواقع المصري المستقر، مع استحداث مادة انتقالية بسريان هذا الحكم على الرئيس الحالي، وتعديل ما يلزم لذلك.

 

المادة 160: يستهدف اقتراح تعديل الفقرة الأولى من المادة 160 استحداث منصب نائب او أكثر لرئيس الجمهورية لمعاونة رئيس الجمهورية في أداء مهامه وتنظيم الحالة الخاصة بمن يحل محل رئيس الجمهورية في غيابه، ويحل رئيس مجلس  الوزراء محل الرئيس في حالة عدم وجود نائب رئيس الجمهورية او تعذر حلوله محله وإعادة النظر فيها يحظر عليه في حالة حلوله محل رئيس الجمهورية.

 

المادة 185: ضمن الطلب تعديلا بإنشاء مجلس أعلى للهيئات القضائية للنظر في الشئون المشتركة للجهات والهيئات القضائية يرأسه رئيس الجمهورية بوصفه رئيس الدولة، حيث اقتضى الواقع العملي وجود هذا المجلس للنظر في الشئون القضائية المشتركة ووضع آلية إجرائية واضحة لاختيار رؤساء الجهات والهيئات القضائية من بين خمسة مرشحين لهذا المنصب ترشحهم مجالسهم العليا.

 

المادة 190: يستهدف التعديل المقترح لهذه المادة أن تقتصر مراجعة وصياغة مشروعات القوانين والقرارات ذات الصلة على ما يحال إلى مجلس الدولة.

 

المادة 189، 193: يستهدف اقتراح تعديل المادة 189/ فقرة الثانية والمادة 193/ فقرة ثالثة توحيد الية إجرائية لاختيار كل من النائب العام من بين ثلاثة يرشحهم مجلس القضاء الأعلى ويصدر بالاختيار قرار من رئيس الجمهورية، وأن يختار رئيس الجمهورية رئيس المحكمة الدستورية العليا من بين اقدام خمسة نواب رئيس المحكمة، مع إنشاء منصب نائب رئيس المحكمة من بين اثنين أحدهما ترشحه الجمعية العامة للمحكمة ويرشح الآخر رئيس المحكمة ويصدر قرار التعيين من رئيس الجمهورية.

 

المادة 200، 204: يستهدف اقتراح تعديل الفقرة الأولى من المادة 200 إعادة صياغة مهمة القوات المسلحة وترسيخ دورها في حماية وصياغة الدستور ومبادئ الديمقراطية والحفاظ على مدنية الدولة. كما يستهدف تعديل الفقرة الثانية من المادة 204 منح القضاء العسكري الصلاحية في نظر الجرائم المترتبة حال قيام القوات المسلحة بحماية بعض المنشآت التي تقتضي الضرورة حمايتها.

 

المادة 234: يستهدف الطلب بتعديل هذه المادة التوافق مع حالة الاستقرار التي تعيشها البلاد.

 

المادة 243، 244: يستهدف الطلب بهذا التعديل إضفاء استمرارية على التمثيل الملائم لكل من العمال والفلاحين والشباب والأقباط والمصريين بالخارج والأشخاص ذوي الإعاقة بعدما كان تمثيلهم مؤقتا لفصل تشريعي، وذلك بالنظر إلى نجاح هذه التجربة في زيادة تمثيل جميع فئات المجتمع بما يرسخ ويدعم مبدأ المواطنة ويقوي النسيج الوطني.

 

المادة 102: يستهدف اقتراح تعديل الفقرتين الأولى والثالثة من المادة 102 ترسيخ تمثيل المرأة في مقاعد البرلمان وأن تكون لها حصة محجوزة دستوريا لا تقل عن الربع، فضلا عن حذف عبارة التمثيل المتكافئ للناخبين في مسألة تقسيم الدوائر الانتخابية نظرا لما أثارته من مشكلات في التطبيق العملي.

 

يتضح من التعديلات الدستورية المقترحة من قبل مجلس النواب انها تهدف الى تغيير ما نص عليه دستور 2014 من مبادئ تخص إعلاء قيم تداول السلطة وتوزيع السلطات وإعطاء البرلمان المنتخب صلاحيات أكثر من رئيس الدولة وتضمين حقوقا أكثر للمواطنين والمواطنات وان العمل بتلك التعديلات - إن تم الاستفتاء عليها بالموافقة- هو إخلال بقيم الديمقراطية وتداول السلطة وترسيخ لنظم حكم لا تعطي للمواطنين والمواطنات الحقوق الكاملة ولا تسمح لهم\ن بخلق مجال عام أمن وكفيل بالتعبير عن حقوقهم\ن أو التمكين لهم\ن بما فيهم الفئات المختلفة مثل (العمال، الفلاحين، الشباب، النساء، المسيحيين، وغيرهم).

 

تحليل المقترح المقدم بخصوص زيادة نسب النساء في المجالس النيابية البرلمانية القادمة:

 

وفي هذا الإطار تطرح الورقة المادة (102) بفقرتيها المقترح تعديلها للمواد والتي تختص بالتحليل النسوي. فدائما ما يخضع النقاش حول نسب تمثيل النساء -كمثال- إلى النقد خوفا من إجراءات تمييزية تكفل لمواطنات غير مؤهلات التواجد في مواقع مختلفة، أو أن يتم استغلال هذا التمييز الإيجابي لصالح سلطة ما لتحقق أغراضها. وبينما نرى أن التمييز الإيجابي وإقرار تمييزا ايجابيا للنساء أمر هام أيا كانت توجهات أو خلفيات هؤلاء النساء، إلا أننا نرى أن طرح تمثيل ايجابي لدعم تمثيل النساء سياسيا في سياق تعديلات تقتل المشاركة السياسية بشكل عام وترسخ لنظام غير ديمقراطي، لا يعد تمكينا حقيقيا للنساء بل وقد ينتقص من حقوقهن السياسية.

 

ففي إطار مناقشة قضية مشاركة النساء في الحياة السياسية علينا أن ننظر لها كقضية عامة في صلب النظام الديمقراطي وليست فقط مسألة تمثيل عددي - يكون مقبولا وضروريا في حقب محددة لتمكين النساء. ولكن في ظل غياب نظاما ديمقراطيا وأدوات ديمقراطية والتي تسمح للنساء بالمشاركة في المجال العام بالمساواة مع الرجال وإقصاء نساء من المجال العام لاختلاف وجهات نظرهن مع النظام الحاكم أو مع زيادة وتيرة العنف ضد النساء في المجال العام وعدم تصدي الدولة بالشكل الكافي لهذه الجرائم، أم من الصعب أن نرى نسبة تمثيل عددية مجردة من باقي العوامل كتمييز إيجابي حقيقي لا يزيد فقط من عدد النساء في المجالس المنتخبة بل ويسمح لنساء مختلفة الخلفيات والتوجهات بممارسة حقوقهن السياسية وتمكينهن واعطائهن أمثلة إيجابية لنساء أخريات تحفزهن على خوض معترك الحياة العامة والسياسية.

 

إن النظر لتعديل المادة 102 بفقرتيها بشكل منفصل عن مجمل التعديلات الدستورية وعلى أساس تمثيل عددي فقط للنساء، قد لا يساعد على تمكين حقيقي للنساء وفتح آفاق لمشاركة النساء في المجال السياسي وخوضهن انتخابات المجالس المنتخبة المختلفة طامحات في الأكثر والأفضل منها، مثل أن تكون إحداهن رئيسة لجمهورية مصر العربية كسيدة يوما. إن النظر للتمثيل العددي المجرد من البيئة الديمقراطية الحاكمة لهذا التمثيل قد يقصي العديد من النساء بدلا من زيادة تمثيلهن وتمكينهن .

 

إلقاء الضوء حول الاستحقاقات الدستورية الغائبة عن التطبيق والتنفيذ في الواقع المصري لدستور عام 2014، وكيفية دعمها للمشاركة السياسية الفعالة والدائمة للنساء في مصر.

 

بإلقاء الضوء على الاستحقاقات الدستورية المذكورة في دستور عام 2014 نجد أنها نقطة تحول في رؤية الدساتير المصرية للنساء وحقوقهن لا أن العديد من تلك المكتسبات والتي لم تدخل حيز التنفيذ ولم تتدخل السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية العمل على تفعيل وتحقيق هذه الحقوق وتحويلها من حقوق دستورية إلى قوانين وسياسات، ومن أمثلة ذلك:

 

- عدم إقرار مفوضية مكافحة التمييز: تم تقديم عدد من النواب والنائبات عدة مشروعات قوانين في أكثر من دور انعقاد للبرلمان المصري فيما يتعلق بإنشاء مفوضية التمييز إلا أنها لم تقر بعد.

 

- عدم تعيين النساء في العديد من المناصب وخاصة القضائية: وتنص المادة 11 على عدد من الحقوق الهامة للنساء منها تعيين وتواجد النساء في جميع الهيئات والجهات القضائية دون استثناء، ومازال هناك مؤسسات تستبعد النساء تماما كما هو الحال في مجلس الدولة والنيابة العامة، وقامت بعض النائبات في دور الانعقاد المختلفة بمناقشة تلك القضية وتقديم مشروع قانون يسمح للنساء بتولي المناصب القضائية ولم يبت فيه، كما قامت عدد من النساء في السير في إجراءات تقاضي للحصول على حقوقهن ولم يحصلن عليها حتى الآن .

 

- العمل على القضاء على العنف ضد المرأة:

 

هناك مقترحات عدة قامت العديد من النائبات البرلمانيات بتقديمها لسن تشريع شامل يناهض العنف ضد النساء ولكن لم يتم إقراره حتى الآن.

 

*المادة 93 فيما يخص التزام مصر بتطبيق وتنفيذ المواثيق والمعاهدات الدولية التي صدقت عليها نجد أنه بالرغم من تصديق مصر على العديد من الاتفاقيات والمواثيق الدولية الخاصة بضمان حقوق النساء المدنية والسياسية والاجتماعية، إلا أن كيفية تطبيق الدولة المصرية لتلك البنود ومدى جديتها في تفعيل تلك الاستحقاقات للنساء مازال قاصرا ومازالت العديد من السياسات وأطر حماية النساء وحقوقهن غائبة.

 

* الحكم المحلي: كان من الواجب على البرلمان الحالي أن يعمل على إصدار تشريع يضمن تمثيل الفئات المذكورة في المادة 180 من الشباب والعمال والفلاحين وذوي الإعاقة وتخصيص ربع المقاعد للنساء في المجالس المحلية بمصر، واعتماد مبدأ اللامركزية في قانون الإدارة المحلية والانتخاب على أساسه في المساهمة كأداة للقضاء على الفساد وتوسيع فرص مشاركة المواطنين/ات في صنع القرارات، وإشراكهم في إعداد الخطة والموازنة على المستوى المحلى الخطة والموازنة التشاركية المستجيبة للنوع، وهو ركيزة أساسية في الحكم الديمقراطي التي كان سوف يدعم النساء ويثقل خبراتهن ويجعلهن منخرطات بشكل أفضل في المجال العام من خلال الحكم اللامركزي للمحليات وفهم كيفية إدارة المحليات بكفاءة، وهو ما لم يحدث لعدم إقرار القانون الخاص بالإدارات المحلية.

 

أخيرًا، هدفت تلك الورقة الى استعراض العديد من القضايا الخاصة بحقوق النساء في إطار طرح التعديلات الدستورية لبعض مواد دستور 2014، وقد حاولت الورقة الاجابة عن التساؤل الخاص ماذا تحتاج النساء من حقوق ليتم تمكينها وحمايتها والنظر لحقوق النساء كجزء لا يتجزأ من تطور المجتمع وأنظمة الحكم وليس فقط تعديلات رمزية أو عددية قد لا تحقق الهدف الحقيقي وهو الحقوق الكاملة للنساء. إن حقوق النساء الرمزية لا يمكن أن تكون بديلا عن مشاركتهن الفعلية كجزء فاعل وأساسي من تجربة ديمقراطية تعددية حقيقية تؤمن بوجود بدائل وأصوات عديدة من بين النساء وتنطلق من إيمان حقيقي بقيم المساواة والحرية والتعددية للنساء والرجال معًا.

رابط دائمhttp://www.nazra.org/node/636